ضريبة الجوطية.. بين تأطير الاقتصاد غير المهيكل وتحديات الإدماج الجبائي

آخر الأخبار - 23-09-2025

ضريبة الجوطية.. بين تأطير الاقتصاد غير المهيكل وتحديات الإدماج الجبائي

اقتصادكم 

 

في خضم النقاش الدائر حول سبل تقنين الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة، وفي مقدمتها قطاع بيع الملابس المستعملة، المعروف بـ"الجوطية"، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن هذا القطاع لا يمكن اختزاله في إشكال ضريبي بحت، بل إنه يمثل جزءا من معضلة بنيوية تشمل منظومة الاقتصاد غير المهيكل برمتها، والتي تتطلب مقاربة شمولية تتجاوز مجرد البحث عن موارد جبائية إضافية.

وفي جواب كتابي وجهته إلى النائبة فدوى محسن الحياني، أوضحت الوزيرة أن دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، ونشرت في ماي 2025، أظهرت وجود حوالي 2,03 مليون وحدة إنتاج غير مهيكلة، تحقق رقم معاملات يقدر بـ527 مليار درهم. ورغم ضخامته، فإن هذا الرقم لا يعكس بالضرورة مردودية جبائية فعلية، بالنظر إلى كون 85,5% من هذه الوحدات تندرج ضمن فئة الأنشطة الفردية الصغيرة، والتي تشتغل في قطاعات ضعيفة القيمة المضافة، ولا تحقق دخلا يفوق عتبة الإعفاء الضريبي المقدرة بـ40.000 درهم سنويا.

وشددت الوزيرة على أن الأثر الجبائي لهذه الفئة يبقى شبه منعدم، ولا يتعلق الأمر بـ"تفويت" محتمل لموارد ضريبية على خزينة الدولة، كما يروج له في بعض الأوساط. ورغم ذلك، تم إرساء آليات مبسطة ومُحفّزة لتأطير هذا النشاط، من بينها نظام المساهمة المهنية الموحدة، الذي أُحدث سنة 2021، ويستهدف الأنشطة ذات الدخل المحدود، ويجمع بين الضرائب المستحقة وواجبات التأمين الصحي في إطار ضريبة موحدة.

وأضافت فتاح أن هذا النظام مكن من إدماج عدد كبير من المهنيين في منظومة التأمين الصحي الإجباري بشكل مباشر، دون حاجة لإبرام اتفاقيات قطاعية، مشيرة إلى أن الوزارة كثفت جهود التوعية والتواصل من خلال ندوات ودوريات إرشادية بشراكة مع إدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بهدف مواكبة الفاعلين وتحفيزهم على الانخراط في هذا الإطار.

وبالتوازي مع ذلك، أتى نظام المقاول الذاتي كحل قانوني بديل يوفر إطارا منظما للمشتغلين في القطاعات الصغيرة، مع تسهيلات ضريبية واجتماعية واسعة، أبرزها الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة وتخفيض نسب الضريبة على الدخل إلى 0.5% للأنشطة التجارية والحرفية، و1% لمقدمي الخدمات. كما تم تخفيض الجزاءات المتعلقة بالإقرارات المتأخرة من 500 إلى 100 درهم، مراعاة لهشاشة هذه الفئة.

وعلى المستوى العملي، أكدت الوزيرة أن الإدارة الضريبية قامت برقمنة شاملة للمساطر الإدارية، وتطوير بوابات إلكترونية تتيح التصريح، الأداء، الاطلاع على الوضعية الضريبية، وتحميل الشهادات، إلى جانب إطلاق خدمات هاتفية مخصصة للإرشاد، في إطار تبسيط العلاقة بين الملزمين والإدارة، وخلق بيئة أكثر جاذبية للانخراط الطوعي في النظام الضريبي.