اقتصادكم
أدى قانون فرنسي جديد إلى فرض قيود صارمة على إجراء مكالمات المبيعات دون موافقة مسبقة، حيث يعتبرها القانون ممارسة مزعجة، ويعكس هذا القانون تغييرات كبيرة في كيفية إدارة مراكز النداء المغربية، التي لم تعد مجرد مراكز للاتصال، بل تحولت إلى مراكز خدمات حقيقية متعددة القنوات تشمل المساعدة التقنية والذكاء الاصطناعي، وغيرها من الخدمات.
أطلق المشرع الفرنسي هذا التعديل من أجل معالجة استياء العديد من المواطنين من المكالمات غير المرغوب فيها، حيث يتلقى المستهلكون في المتوسط ست مكالمات غير مرغوب فيها أسبوعيًا، رغم وجود القوانين الحالية ونظام "Bloctel" الذي يسمح للمواطنين بالتسجيل مجانًا لقائمة منع المكالمات التجارية. في 27 يناير 2025، صوتت الجمعية الوطنية الفرنسية بالإجماع لصالح حظر الدعاية الهاتفية دون موافقة مسبقة.
التأثير على مراكز النداء المغربية
من المتوقع أن يتسبب هذا القانون في انخفاض نشاط مراكز النداء المغربية، خاصة تلك التي تركز على حملات التنقيب عن الزبناء عبر الهات، وفقًا ليوسف الشرايبي، رئيس "مجموعة أوتسورسيا"، في حوار مع "فينونس نيوز"، فإن فرنسا كانت تاريخياً سوقًا رئيسيًا لمراكز النداء المغربية بفضل القرب الثقافي واللغوي بين البلدين، لكن تأثير هذا القانون الجديد قد يكون محدودًا.
الشرايبي أوضح أن أنشطة الاتصال الهاتفي تمثل أقل من 20% من إيرادات مراكز النداء المغربية، مشيرًا إلى أن القطاع قد بدأ بالفعل في التحول نحو خدمات ذات قيمة مضافة أعلى مثل إدارة علاقات الزبناء متعددة القنوات، الدعم الفني، والخدمات الرقمية. هذا التحول الاستراتيجي يساعد القطاع على تقليل الاعتماد على التنقيب عن بعد وبالتالي يكتسب مرونة أكبر لمواجهة التغيرات التنظيمية.
فرص التكيف والتطور
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الشرايبي أن مراكز النداء المغربية يمكنها الاستفادة من عدة استراتيجيات للتكيف مع التغييرات، أبرزها تنويع السوق، حيث بدأ مشغلو مراكز النداء في المغرب بتوسيع خدماتهم نحو أسواق جديدة مثل الأسواق الناطقة باللغة الإنجليزية والإسبانية وأفريقيا، حيث قد تكون القوانين مختلفة وفرص النمو أكبر. وتتعلق الثانية بتطوير الخدمات، حيث يمكن للمراكز التوسع في تقديم خدمات متخصصة مثل تحليل البيانات والدعم الفني المتقدم والذكاء الاصطناعي.
وأشار الشرايبي إلى أهمية الاستثمار في الابتكار، بما في ذلك دمج الحلول التكنولوجية مثل الأتمتة وإدارة القنوات المتعددة، مما يعزز قيمة الخدمات ويواكب توقعات العملاء النهائيين.
التحديات والمخاطر
على الرغم من التحولات الاستراتيجية التي يمر بها القطاع، فإن مراكز النداء المغربية لا تزال تواجه مخاطر حقيقية نتيجة هذا التشريع. يمكن أن يؤدي فرض القيود على المكالمات الترويجية إلى انخفاض كبير في النشاط، وخاصة بالنسبة للشركات التي تعتمد بشكل كبير على هذا النموذج التقليدي. كما قد يعيد الزبناء الفرنسيون تقييم استراتيجيات التعاقد من الأصل، مما يؤثر على العلاقات التجارية بين الجانبين.
فرصة للقطاع المغربي
رغم هذه التحديات، يعتقد الشرايبي أن هذا التشريع قد يمثل فرصة حقيقية لمراكز النداء المغربية. من خلال تسريع انتقالها إلى أنشطة أقل اعتمادًا على المكالمات الهاتفية الصادرة، يمكن للقطاع المغربي تخفيف تأثيرات هذا التشريع الجديد وتعزيز مكانته في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. في النهاية، يعتبر الشرايبي أن هذا القانون، رغم تأثيراته المحتملة، يشكل فرصة لتطوير وتحسين النموذج المغربي نحو ممارسات أكثر استدامة وتنوعًا.