اقتصادكم
كشفت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات عن استمرار النمو الإيجابي في مؤشرات قطاع الاتصالات بالمغرب خلال الربع الثاني من سنة 2025، وهو ما يعكس دينامية استهلاك الاتصالات والخدمات الرقمية في السوق الوطنية، فقد بلغت مدة المكالمات الهاتفية عبر الشبكات الوطنية ما يناهز 10,7 مليارات دقيقة، بارتفاع قدره 3,31 في المائة مقارنة بالربع السابق، ما يؤكد تعافي الطلب على خدمات الاتصال الصوتي التقليدي رغم التوسع المتواصل للمنصات الرقمية.
وأظهرت البيانات الاقتصادية للوكالة أن المغاربة يواصلون الاعتماد على الهاتف النقال كوسيلة اتصال رئيسية، إذ بلغ متوسط المكالمات الشهرية لمستعملي "الدفع اللاحق" 274 دقيقة، مقابل 28 دقيقة فقط لزبناء "الدفع المسبق"، ما يعكس تمركز الاستهلاك في الفئة الأولى ذات القدرة الشرائية الأعلى، وفي المقابل، تراجعت الرسائل القصيرة بنسبة 17,9 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من 2024، وهو ما يعزى إلى التحول الكبير نحو تطبيقات المراسلة المجانية التي غيرت خريطة التفاعل الرقمي بالمملكة.
وعلى مستوى التنافسية، تظهر الأرقام احتدام المنافسة بين الفاعلين الثلاثة في السوق المغربية، حيث تحتل “ميدي تيليكوم” الصدارة بحصة 35,45 في المائة، تليها "وانا كوربورايت" بنسبة 32,59 في المائة، فيما تظل "اتصالات المغرب" قريبة بـ31,97 في المائة.
ويعكس هذا التقارب الشديد في الحصص استمرار الضغط التنافسي على الأسعار وتحسين جودة الخدمات لاستقطاب مشتركين جدد، وقد بلغ عدد اشتراكات الهاتف النقال في المغرب أكثر من 58,7 مليون خط، بنمو سنوي قدره 2,36 في المائة، ما يؤكد بلوغ السوق مستوى نضج متقدم مع توجه الفاعلين نحو تعظيم العائد من الخدمات المضافة.
أما الهاتف الثابت، الذي كان إلى وقت قريب مهددا بالتراجع الكامل، فيواصل الحفاظ على موقعه بفضل الطلب المؤسساتي والمهني، حيث وصل عدد الاشتراكات إلى 3,1 ملايين خط، وسجل عبر هذه الشبكة ما مجموعه 435 مليون دقيقة من المكالمات، بمعدل شهري يبلغ 48 دقيقة، وتستحوذ “اتصالات المغرب” على حوالي نصف السوق المنزلي وأكثر من ثلثي السوق المهني، ما يجعلها اللاعب المهيمن في هذا القطاع التقليدي الذي يشهد تحولات بطيئة نحو الخدمات الرقمية.
وفي جانب خدمات الإنترنت، التي تعد العمود الفقري للاقتصاد الرقمي المغربي، سجلت الوكالة ارتفاعا ملحوظا بنسبة 5,21 في المائة، ليصل إجمالي الاشتراكات إلى 41,18 مليون زبون بنهاية يونيو الماضي، ويهيمن “الإنترنت المتنقل” على الحصة الكبرى بما يفوق 38 مليون اشتراك، بينما تتوزع النسبة المتبقية على خدمات “ADSL” و“FTTH” و“TDD/BLR”، ما يعكس توسع رقعة التحول الرقمي وتزايد الاستثمار في البنية التحتية للأنترنت عالي الصبيب.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، رصدت الوكالة ارتفاعا في عدد الشكايات المقدمة ضد الفاعلين، حيث بلغت 337 شكاية خلال الربع الثاني من السنة، أغلبها مرتبطة بجودة الخدمات بنسبة 62 في المائة، تليها الجوانب التعاقدية بـ16 في المائة، وتوزعت باقي الشكايات بين خدمات الهاتف المحمول والأنترنت الثابت والفايبر، ما يؤكد أن جودة الخدمة أصبحت عاملا حاسما في ولاء الزبائن، ويضع أمام شركات الاتصالات المغربية تحدي تحقيق توازن بين توسيع الحصص السوقية وضمان تجربة استعمال تتماشى مع تطلعات المستهلكين في بيئة رقمية تتسارع فيها المنافسة.