اقتصادكم
يشهد القطاع العقاري سنة 2025 حالة غير مألوفة تتسم بالمفارقة الواضحة بين وفرة العرض وارتفاع الطلب من جهة، وركود المعاملات وضعف وتيرتها من جهة أخرى. فرغم توفر المنتجات العقارية بمختلف أصنافها، إلا أن السوق يعيش حالة ترقّب وانتظار تطغى على سلوك كل من البائعين والمشترين، ما ينعكس سلباً على حجم الصفقات المنجزة.
أسباب الركود وتعميم الظاهرة على مختلف القطاعات
لا يقتصر هذا الركود على فئة محددة من العقار، بل يشمل السكني، والتجاري، والأراضي، حيث تتشابه العوامل المؤثرة في جميع القطاعات. فالبائعون يفضلون الانتظار أملاً في تحسن الأسعار، في حين يتردد المشترون في الإقدام على الشراء ترقباً لانخفاض محتمل أو لفرص أفضل. كما أن الأسعار المعروضة في السوق غالباً ما تكون غير منسجمة مع القدرة الشرائية والواقع الاقتصادي، ما يخلق فجوة بين العرض والطلب ويؤخر إتمام الصفقات.
يضاف إلى ذلك تراجع الزخم الذي رافق الاستعدادات لاحتضان تظاهرات كبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، حيث عاد السوق تدريجياً إلى وتيرته الطبيعية بعد مرحلة من الانتعاش الظرفي.
قطاع الإيجار: أزمة ثقة وإشكال قانوني
يُعدّ القطاع الإيجاري من أكثر القطاعات تأثراً بالوضع الحالي، إذ يعزف عدد كبير من المالكين عن تأجير ممتلكاتهم بسبب ضعف الحماية القانونية في حالات التأخر أو الامتناع عن أداء الكراء. فالإجراءات القضائية المرتبطة بالنزاعات الإيجارية تُعتبر بطيئة ومكلفة، ما يدفع المالكين إلى تفضيل إبقاء مساكنهم شاغرة على الدخول في نزاعات محتملة.
هذا الوضع يؤدي إلى تقلص العرض في سوق الكراء وارتفاع الأسعار، في مقابل تشديد شروط الضمان المفروضة على المكتري، الأمر الذي يزيد من تعقيد الولوج إلى السكن الإيجاري، خاصة في المدن الكبرى التي تعرف نمواً عمرانياً واقتصادياً متسارعاً.
الإصلاح القانوني كرافعة لإنعاش السوق
في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحّة إلى مراجعة القانون 80-14 المنظم للكراء، بهدف تحقيق توازن عادل بين حقوق المالكين والمكترين. فإصلاح هذا الإطار القانوني من شأنه أن يعيد الثقة للمستثمرين، ويشجع المنعشين العقاريين على التوجه نحو السكن الإيجاري، مما سيساهم في توسيع العرض وضبط الأسعار.
كما أن تنشيط هذا القطاع لا ينعكس إيجاباً على سوق الكراء فقط، بل يمتد أثره إلى مجمل المنظومة العقارية، من خلال تحريك الاستثمار وخلق دينامية جديدة للسوق.
الآفاق المستقبلية وحدود التدخل الجبائي
رغم التخوفات من احتمال تسجيل تراجع في الأسعار، فإن المؤشرات الاقتصادية العامة تبقى إيجابية، خاصة مع تحسن الموسم الفلاحي، وانتعاش قطاعات حيوية كالسياحة والصناعة الغذائية وصناعة السيارات، إضافة إلى استقرار تحويلات مغاربة العالم وتدفقات الاستثمار الأجنبي. هذه العوامل تدعم التفاؤل بأن يكون عام 2026 أفضل من سابقه.
أما على المستوى الجبائي، فقد أثبتت بعض الآليات، مثل الضريبة على الأراضي غير المبنية، محدودية فعاليتها في معالجة ندرة العقار، إذ لم تنجح في دفع المالكين إلى البيع أو الحد من المضاربة بالشكل المطلوب، رغم أن العقار يشكل نسبة قد تصل إلى 60% من كلفة المشاريع العقارية.