اقتصادكم
شهدت مبيعات الإسمنت في سنة 2024 انتعاشًا ملحوظًا بعد فترة شبه ركود خلال السنة الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 9.45%، وهو ما يعكس تحولًا إيجابيًا في قطاع البناء.
ويعزى هذا التحسن بشكل رئيسي إلى برنامج دعم السكن الذي أطلقته الحكومة، والذي ساهم بشكل مباشر في تعزيز الطلب على مواد البناء، سيما الإسمنت، باعتباره المؤشر الرئيسي للنشاط.
برنامج دعم السكن وتأثيره على القطاع العقاري
أكد أديب بن إبراهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلف بالإسكان، بمجلس المستشارين، أن برنامج دعم السكن حقق آثارًا اقتصادية ملموسة، ليس فقط من خلال تحفيز الطلب على الإسمنت، ولكن أيضًا عبر ارتفاع قروض السكن بنسبة 1.7%، والقروض الموجهة للمنعشين العقاريين بنسبة 7.2%. هذا النمو يعكس استجابة إيجابية من قبل المواطنين والمستثمرين العقاريين على حد سواء، مما ساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
وفقًا لمديرية الدراسات والتوقعات المالية، ارتفعت مبيعات الإسمنت بنسبة 9.4% في سنة 2024، مقارنة بزيادة هامشية بلغت 0.2% في السنة الفارطة، وكان الفصل الثاني من سنة 2024 الأكثر تميزًا، إذ سجل نموًا بنسبة 17.6%، وهو ما يعكس زيادة ملحوظة في وتيرة أنشطة البناء، كما شهد الفصلان الأخيران من السنة زيادات استثنائية بلغت 16.5% و18.9% على التوالي، ما يؤكد استمرار دينامية السوق العقارية.
وحسب كاتب الدولة المكلف بالإسكان، فقد بلغ عدد المواطنين الراغبين في الاستفادة من برنامج دعم السكن تجاوز 114 ألفا و365 شخصا في سنة 2024، وعدد المستفيدين من البرنامج بلغ أكثر من 63 ألفا، ويشكل المغاربة المقيمون بالخارج نسبة 25% منهم، والشباب 32%، مشيرا أن 63% من هؤلاء المستفيدين حصلوا على دعم بقيمة 70 ألف درهم، فيما استفادت 37% من دعم قدره 100 ألف درهم.
يعكس انتعاش مبيعات الإسمنت تحسنًا واضحًا في قطاع البناء، إذ ساهم في إعادة تحريك السوق العقارية واستئناف العديد من المشاريع السكنية، كما يعبر هذا الانتعاش عن زيادة ثقة المستثمرين في قطاع العقارات، مما يعزز تدفق الاستثمارات الجديدة، إلى جانب ذلك، فإن ارتفاع وتيرة البناء يحدث فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات المرتبطة بالبناء، مثل المقاولات والخدمات اللوجستية والتجارة.
ويعد هذا التحسن مؤشرًا على تعافي الاقتصاد الوطني، نظرًا لأن قطاع العقارات يشكل محركا أساسيًا للنمو الاقتصادي، ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي هذا الانتعاش إلى ارتفاعها في بعض المناطق، نتيجة لزيادة الطلب على مواد البناء، مما يعكس توجهات إيجابية للقطاع في المستقبل.
في ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن انتعاش مبيعات الإسمنت، يؤكد أن برنامج دعم السكن كان له دور رئيسي في تحريك عجلة البناء والإنعاش الاقتصادي، وبينما تستمر الحكومة في تنفيذ سياسات تحفيزية، من المتوقع أن يواصل القطاع العقاري أداءه الإيجابي، مما يعزز النمو الاقتصادي ويدعم الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير السكن الملائم لفئات واسعة من المواطنين.
كما أن الأوراش الكبرى التي فتحتها المملكة منذ قرابة سنة، والتي تتعلق أساسا بتجهيز البنية التحتية اللازمة لتنظيم نهائيات كأس أفريقيا 2025 ونهائيات كأس العالم 2030 رفقة البرتغال وإسبانيا، كان لها وقع إيجابي على قطاع البناء، ومنه، فإن هذه الدينامية التي يعيشها قطاع الإسمنت، قد تستمر على أقل تقدير خلال السنوات المقبلة، مساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي ومحاربة البطالة.