ما هي التعديلات الضرورية لتسريع الانتقال الطاقي بالمغرب؟

آخر الأخبار - 24-01-2025

ما هي التعديلات الضرورية لتسريع الانتقال الطاقي بالمغرب؟

اقتصادكم

 

في سياق التزام المغرب القوي بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، تتعدد تحديات الانتقال الطاقي في المملكة، وهو ما جاء في التقرير السنوي المتعلق بأنشطة المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة 2024-2023، الذي كشف أنه لا زالت هناك بعض الجوانب في حاجة إلى تحسين، ترتبط أساسا بحكامة القطاع الطاقي وبمدى تحقيق الأهداف المحددة لمختلف مكونات الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030. فما هي التعديلات الضرورية التي ستساعد على تسريع الانتقال الطاقي وتحقيق الأهداف المرجوة؟

ضرورة تعديل استراتيجية الطاقة

الخبير الطاقي سعيد كمرة أكد أن جميع المعطيات والتقارير المتاحة، سواء تلك التي قدمتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية، مجلس المنافسة، الهيئة الوطنية لتنظيم الطاقة، وأخيراً تقرير المجلس الأعلى للحسابات، تشير إلى أن ضرورة تعديل استراتيجية الطاقة، التي تركز بشكل رئيسي على الكهرباء، التي تشكل 45% فقط من مزيج الطاقة الوطني، بينما تمثل الـ 55% المتبقية الطاقات المستهلكة في النقل والصناعة والمباني.

وأضاف المتحدث ذاته، في تحليل لجريدة "فينونس نيوز" أن هذا المزيج الطاقي يمثل فقط 70% إلى 80% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهو موضوع الانتقال الطاقي، خاصة أن المغرب ملتزم باتفاق باريس الذي يهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. 

ولاحظ الخبير في قطاع الطاقة أن الجهود الحالية تقتصر على تنفيذ مشاريع طاقة متجددة بمعدل 200 ميغاواط سنوياً لمدة 15 عاماً، مشيرا إلى أن هدف 52% من مزيج الكهرباء في 2030 هو هدف جزئي، والهدف الرئيسي هو الوصول إلى الحياد الكربوني في 2050. وهذا يتطلب، حسي المتحدث ذاته، تركيب طاقة تتراوح بين 900 و1000 ميغاواط سنوياً، مضيف :"نحن بعيدون عن هذه الأرقام. لذلك، المطلوب هو استراتيجية شاملة تراعي الهدف الأكبر لعام 2050 مع أهداف مرحلية كل خمس سنوات".

الاقتصار على الرياح والطاقة الشمسية ليس حلا

وشدد الخبير على أن استراتيجية الانتقال الطاقي يجب أن تشمل جميع مكونات المزيج الكهربائي الوطني بحلول 2050، وليس الاقتصار على طاقات الرياح والطاقة الشمسية فقط، حيث هناك حاجة إلى نمذجة شاملة لتحديد رؤية واضحة للقطاع الطاقي في 2050. 

وأوضح قائلا:" معالم هذه الرؤية تتجلى في إنتاج 42 تيراواط ساعة في 2023، يتوقع أن يصل إنتاج المغرب إلى 107 تيراواط ساعة سنوياً بحلول 2050، ويجب أن تكون هذه الطاقة متجددة ومنخفضة الكربون. الطلب الوطني على الكهرباء في 2050 يجب أن يكون من أولويات التحول الطاقي. بالنسبة للنقل، استورد المغرب في 2023 نحو 8.12 مليار لتر من الديزل والبنزين، مع نمو سنوي بنسبة 3.75%. وبحلول 2050، من المتوقع أن يصل الاستهلاك إلى 22 مليار لتر إذا استمر الوضع على ما هو عليه. وعليه، أكبر مصادر انبعاثات CO2 في 2050 ستكون الكهرباء (107 تيراواط ساعة) والديزل والبنزين (22 مليار لتر)، ومن الضروري وضع خطة لإزالة الكربون من هاتين الطاقتين".

نموذج انتقالي للمزيج الكهربائي في 2050

وذكر الخبير أن فرنسا تمتلك 6 نماذج انتقالية لـ2050، وإسبانيا تعمل على 4 نماذج، تساعد في وضع استراتيجيات وتقدير التكاليف اللازمة، ولم تتخذ الدولتان أي قرارات نهائية، لكنهما تعرفان ما هو حتمي. بالنسبة للمغرب، من الواضح أننا لا نستطيع تجنب 3 إلى 4 جيغاواط من الطاقة النووية؛ حيث كان يجب أن تبدأ الاستعدادات لهذا النوع من الطاقة منذ سنوات، بنموذج يعتمد على مزيج كهربائي في 2050: 50% طاقة متجددة، 25% طاقة نووية، 9.5% كتلة حيوية، 5% إنتاج ذاتي، 10% هيدروجين، و0.5% هيدروكهرباء. 

وحسب سعيد كمرة، إذا اختار المغرب الهيدروجين كحل للنقل، فإن احتياج المملكة سيكون حوالي 6.6 مليون طن من الهيدروجين سنوياً بحلول 2050، وهو ما يجب مقارنته بالحلول الكهربائية أو مزيج بين الحلول. حالما يتم تحديد الخيارات التكنولوجية، ستتضح كافة مكونات الاستراتيجية التي ستمكن المغرب من تحقيق أهدافه في 2050، وسنكون أكثر وضوحاً بشأن مسارنا المستقبلي. كما يصبح من الأسهل تقسيم مكونات المزيج الكهربائي المستقبلي إلى مشاريع موزعة على 12 منطقة في المغرب، مما يسهل التخطيط للطاقة الكهربائية ويعزز من رؤية المستثمرين، مع العلم أن تكلفة الانتقال في مجال الكهرباء وحده تقدر بحوالي 35 مليار دولار، أي بمعدل سنوي قدره 1.4 مليون دولار على مدار 25 عاماً.