اقتصادكم
اعتبر النائب رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن المغرب يدخل اليوم مرحلة جديدة بالتوازي مع تفعيل الحكم الذاتي في كنف السيادة الوطنية، وهي مرحلة تتطلب تحضير الأجواء المناسبة كما أكد الملك محمد السادس، وذلك عبر تحيين وتفصيل المبادرة الملكية واحتضان جميع المغاربة، بمن فيهم العائدون من مخيمات تندوف، على أساس المساواة الكاملة دون أي تمييز.
وأوضح حموني، خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، حول موضوع "السياسة العامة المتعلقة بالتنمية والاستثمار بالأقاليم الجنوبية المغربية"، الإثنين، أن هذه المرحلة تفرض ضخ نفس ديمقراطي جديد للارتقاء بالفضاء السياسي العام، وتعزيز مكانة وأدوار المؤسسات المنتخبة.
مرحلة جديدة للحكم الذاتي والتنمية السياسية
وتابع أن المرحلة تستدعي كذلك السير بخطى متقدمة في تفعيل الجهوية المتقدمة واللامركزية، مع الاعتماد على انفراج سياسي وحقوقي يتيح مشاركة أوسع وتمثيلية أعمق للمواطنين في تدبير شؤونهم المحلية.
وواصل رئيس فريق التقدم والاشتراكية أن المرحلة المقبلة تقتضي كذلك الارتقاء بقدرات الاقتصاد الوطني وتحسين الحكامة الاقتصادية، وتكامل أدوار الدولة والمقاولات الوطنية بما يحفز الطاقات والمبادرات، ويخلق فرص الشغل والنمو، ويضمن توزيع الخيرات بعدالة اجتماعية ومجالية حقيقية.
نهضة تنموية شاملة في الأقاليم الجنوبية
وأكد أن النجاح في رفع هذه التحديات رهين بقدرتنا الجماعية على إجراء جيل جديد من الإصلاحات المتلائمة مع طبيعة المرحلة والتحول التاريخي الذي يعيشه المغرب.
وتابع المتحدث أن مناقشة موضوع “التنمية في أقاليمنا الجنوبية” لا تُعد مجرد محطة برلمانية عادية، بل هي لحظة وطنية تعكس اعتزاز المغاربة جميعًا بالتطور الهائل الذي عرفته هذه الأقاليم منذ استرجاعها إلى حضن الوطن، خصوصًا بعد إطلاق النموذج التنموي الخاص بها قبل عشر سنوات.
وأشار حموني إلى أن الوقت قد حان للارتكاز على ما تحقق من مكاسب ونجاحات، والعمل على تحصينها والارتقاء بها لمواجهة التحديات المقبلة، والمضي قدمًا في بناء المغرب الموحد الصاعد بثقة في المستقبل.
آفاق اقتصادية واستثمارية واعدة بالأقاليم الجنوبية
وأوضح رئيس الفريق أن الأقاليم الجنوبية عرفت منذ استرجاعها نهضة تنموية غير مسبوقة، إذ لا مجال للمقارنة بين ماضيها وما أصبحت عليه اليوم، بفضل النموذج التنموي الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، والذي شكل محطة مفصلية في مسار التنمية بالمنطقة.
وأضاف أن هذا النموذج تأسس على رؤية ملكية استشرافية متكاملة تمزج بين الالتزام والتفعيل والتمويل، واستلهم توجهاته من المشروع الوطني للجهوية المتقدمة باعتباره خيارًا ديمقراطيًا وتنمويًا، ومن منظومة حقوق الإنسان ككل لا يقبل التجزيء، بما يشمل الحق في الثقافة وصون التراث اللامادي الحساني، وضمان الاستفادة المنصفة والمستدامة من الموارد الطبيعية والخيرات المحلية.
وزاد موضحا أن مرحلة إطلاق النموذج التنموي شهدت توقيع عشرات الاتفاقيات وعقود البرامج أمام أنظار جلالة الملك بكلٍّ من العيون والداخلة، لإنجاز مئات المشاريع بعشرات المليارات من الدراهم. واليوم، يرى الجميع ثمار تلك الأوراش الكبرى التي غيّرت وجه الأقاليم الجنوبية جذريًا وإيجابيًا.
وأبرز المتحدث أن الإنجازات شملت كل المجالات الحيوية، من البنيات التحتية والنقل الطرقي والجوي، وتطوير المطارات والموانئ، وفي مقدمتها ميناء الداخلة الأطلسي، إلى جانب الطاقات المتجددة والنشاط الفلاحي والصناعي والسياحي والصيد البحري، وبناء السدود ومحطات تحلية المياه.
كما تحققت مكاسب كبيرة في المجال الاجتماعي، تمثلت في ارتفاع الدخل الفردي وتحسن مؤشرات التنمية البشرية، وتطور الخدمات العمومية في مجالات الصحة والتعليم والسكن والتأهيل الحضري، وربط مختلف المناطق بالماء والكهرباء وشبكات الاتصالات.
وأشار حموني إلى أن الأقاليم الجنوبية باتت اليوم تشهد آفاقًا اقتصادية جديدة بفضل المبادرات الملكية الرائدة في تعزيز العمق الإفريقي للمملكة، على غرار مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، ومبادرة تسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وما رافقها من دينامية استثمارية وصناعية متنامية.
ولفت رئيس الفريق إلى أن هذه المشاريع الكبرى تؤسس لتحول نوعي يجعل من أقاليمنا الجنوبية منصة استراتيجية لقطاع الهيدروجين الأخضر والصناعات المتطورة، ما يمنحها دورًا محوريًا في الاقتصاد الوطني والإفريقي على حد سواء.