الشطر الرابع من الفصل "يـوم الرب" لرواية أراضي الله

لايف ستايل - 07-04-2024

الشطر الرابع من الفصل "يـوم الرب" لرواية أراضي الله

اقتصادكم

 


هذا هو تقريبا سر الرحلة بالنسبة لحسن، والذي كان يعتقد أن لعب مباراة بدون حكم، أكثر قيمة من كل متعة مستحبة، كما كان يعتقد أن التذمر والشكوى لم يكن سوى للأكثر ضعفا بيننا. مع يونس، كنا نحن الثلاثة جزءا من نخبة الزعماء، الذين عضوا بالنواجد على الحياة، رغم الضربات التحتية أو المباشرة أو من اليمين أو اليسار أو ضربات المقص أو القفزات التي تخلع الفك. لأن الأسنان كانت شرسة لدرجة التشبث الشديد. 

كان حسن يقول بأن رحلة الحياة هذه تشبه حربا يتغيب فيها أحد المعسكرين دائما. حرب حقيقية لا وجه لها، يناورك العدو خفية، يهاجمك حين تغفو ويلوذ بالفرار. عند استيقاظك تستطيع تقدير حجم خسائرك لكنك لن تستطيع رؤية الوجه الخفي الذي يحاربك.

فيما بعد، رجل جليل إليه يعود الفضل في تعلمي، أعطاني كتابا قال بأنه رائع: صحراء التتار لدينو بوزاتي، فهمت جيدا حينها معنى ما كان يقوله لي حسن في السنوات الماضية، باستثناء أنه بالنسبة لنا كان هناك عدو حقيقي، بلا وجه دائما، لكنه كان يأتي، يكسر في البشر، يدمر في الآمال ويغادر دون أن يترك أثرا خلفه. ولكن هذه الحرب المعلنة لم تكن سوى على جبهة واحدة، كنا بحكم الضرورة مجبرين على القتال للدفاع عن أنفسنا. لأننا في العمق لا نريد هذه الحرب. ربما لم يسبق لحسن أن قرأ هذا الكتاب، لكنه كان قد احتك مليا بالأيام وحروبها التي لا تنتهي سواء علم عن بوزاتي أو لم يعلم، لكنه كان يعلم أن صحراءه هو كانت مليئة بالمسلحين بجميع أنواعهم، بجنود الاحتياط المدربين، ترسانة عسكرية تخصصها هو المآسي الإنسانية لمن لم يكن لديهم محكمة جنائية حتى لمحاكمتهم.

قال حسن في أحد المساءات لوالده الذي ضربه ضربا مبرحا :" هل أنت سعيد؟ سعيد حقا لأنك أعدت تشكيل وجهي؟ لا داعي لأن تجيبᴉ يبدو واضحا تضخم الأنا لديك حد الاختناقᴉ لكن هل تظن أنني أستطيع أن أحترمك أو حتى أن أكرهك؟ تعرف أنه ما من مشاعر من ناحيتك، لا كراهية ولا تعاطف. أتساءل بأي حق تكسر رقبتي؟ تلوي عنقي أمام إعجاب زوجتك والرعب الذي يتملك قلوب أبناءك؟ لكني لا أنتظر منك جوابا على هذا. أنت تماما على صورة ربكᴉ " الكل محكوم بالبرود وبغياب العاطفة. 

كانت تلك هي اللحظة التي أدار فيها حسن ظهره لعائلته. تلك كانت آخر مرة أراه فيها معهم. لم يعد أبدا لرؤية والده ووالدته لكنه استمر بالذهاب قرب المدرسة القرآنية للمسجد لينتظر أخاه الصغير، يقدم له بعض الحلوى ويسأله إذا كان أبوه ما يزال يضربه. كل مرة كان يشتاط وجهه غضبا عندما كان يرى علامة من علامات الضرب على جلد أخيه سعيد. لم يكن يستطيع التحكم بنفسه مهددا بأنه سيذهب ليكسر وجه الوالد. كنت أحاول تهدئته وأنا أقول له بأن الأمور تجري هكذا، وأنه لا زال غير قادر على إنقاذ إخوته من استبداد والده. كان حسن ينفجر بالمعنى الحرفي للكلمة: " ليس استبدادا، لا تضحك علي، لماذا يضربهم؟ من الذي منحه هذا الحق على أجسادنا؟ يوما ما سأحصل على الجواب، لكن حتى ذلك الحين، على أخي الصغير أن يغير اسمه، سعيد لا يناسبه بتاتا". 

كان حسن يطل برأسه من باب الغرفة الصغيرة التي كانت تستخدم كمدرسة قرآنية وهو يسأل الفقيه عن موقفه تجاه هذه القذارة. في كل مرة كان يجيبه بآية قرآنية أو آيتين ترميان إلى تضخيم رصيده من الذنوب أمام الخالق. كان يقبل أخاه. يضع بعض القطع النقدية في جيبه وهو يضرب له موعدا في الغد. 

كان حسن يفكر باستمرار بالنقود. كان يجب أن يربح المال بأسرع ما يمكن حتى يستطيع تقديم الحياة المقبولة لإخوته، حياة ليس فيها ضرب أو ركل على الوجه. ولكن لكي يتمكن من ذلك كان يجب أن نخاطر، أن نتحالف مع الشيطان وهو ما لم يكن بمقدورنا بعد. لم يكن قد اشتد عودنا بعد، كنا أبطالا، ما في ذلك شك، لكن فوست لم يكن نموذجا مناسبا لنا بعد. 

يتبع...