حكاية علامة.. "جرما".. خميرة كل يوم

لايف ستايل - 23-03-2023

حكاية علامة.. "جرما".. خميرة كل يوم

اقتصادكم

لطالما كانت الروائح والألوان محفزا قويا للذاكرة، تلك المنظومة العصبية المعقدة، التي تتحكم في سلوك المرء، فلبرهة من الزمن، تنقله ذكرى جميلة من حالة حزن إلى فرح، بشكل يثير الدهشة. للعلامات التجارية أيضا ذلك التأثير، إذ يكفي مطالعة إحداها، حتى تتهاوى أدراج العمر ويعود شريط الحياة بتفاصيله الحلوة والمرة إلى الوراء.

علامات مثل "جرما" و"لاسيكون" و"أولماس" و"ستيام"، طبعت حياة المغاربة، ورافقتهم خلال محطات حياتهم المختلفة، وشكلت موضوع كتاب جامع حول قيمة العلامة وتأثيرها في المجتمع، حمل اسم "براند يور موروكو"، ضمن سلسلة لغات الجنوب، إذ يستعرض جون نويل كابفيفير، الخبير الفرنسي في العلامات التجارية، أبعادا جدية للعلامات، لا تقف عند حدودها التجارية المعروفة، بل تتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك، باعتبارها صورة للدعاية والانفتاح الثقافيين على الخارج.

لا شك أن جميع النساء المغربيات، حملن ذات يوم ذلك المكعب ناعم الملمس، وشكلن به جزءا من ذكريات طقولة أجيال، ربطت خميرة "جرما" بالخبز الساخن، المخبوز حديثا بالفرن. على مدى 60 سنة الماضية، رسخت "جرما" مكانتها، علامة مرجعية مغربية في المنتوجات الطازجة، بألوان طبعت بفخر جودة المنتوج المغربي، الذي لا غنى عنه عند إعداد الخبز، فيما تتطلب عملية تصنيعه، المرور بمراحل معقدة، والأمر نفسه بالنسبة إلى التوزيع.

في سنة 1954، اختارت شركة "صومادير"، فرع مجموعة "سافاري"، تصنيع الخميرة الطازجة، وطرح أول منتوج معلب في هذا الشأن، يحمل علامة "جرما"، التي اعتمد في إنتاجها على مواد أولية طبيعية، "الفطر" مثلا، فيما اختارت الشركة أيضا، ألوانا معينة لعلب الخميرة، تتنوع بين الأزرق، الذي يحيل على علبة موجهة إلى الاستخدام المنزلي اليومي، والأخضر الخاص بالمخابز، إذ يتميز هذا المنتوج بسرعة تخميره للعجين، بما يستجيب لإكراهات المهنيين، إلى جانب علامة مميزة أخرى "سنبلة قمح"، لربط المستهلك بالمنتوج وطبيعته.

وخلال سنة التسعينيات، بعد ترسيخ حضور "جرما" في الحاجيات اليومية للمغاربة، اختارت الشركة المنتجة التسويق المباشر للعلامة، في جميع شبكات التوزيع، وفي إطار العروض المخفضة والترويجية، موازاة مع مواصلة تطوير المنتوج، وتعزيز روح الابتكار فيه، لتطلق في 2008، خميرة جافة جديدة، تتسم بفترة صلاحية أطول، وموجهة إلى المستهلكين في المناطق الصحراوية والنائية، علما أن هذا المنتوج وجه أيضا، إلى التصدير، تحت ثلاثة علامات، هي "جرمابان" و"صومابان" و"سبولة".

ويظهر شريط حياة "جرما"، مرورها بمحطات تاريخية مهمة، تتعلق مثلا، بإحداث مصنع بالجديدة في 1991، بقدرات إنتاجية تصل إلى 20 ألف طن، تضاف إلى 40 ألف طن الخاصة بمصنع البيضاء، وهي القدرات التي تعززت خلال السنة ما قبل الماضية، برفع الطاقة الإنتاجية للخميرة الجافة إلى تسعة آلاف طن.