اقتصادكم
لطالما كانت الروائح والألوان محفزا قويا للذاكرة، تلك المنظومة العصبية المعقدة، التي تتحكم في سلوك المرء، فلبرهة من الزمن، تنقله ذكرى جميلة من حالة حزن إلى فرح، بشكل يثير الدهشة. للعلامات التجارية أيضا ذلك التأثير، إذ يكفي مطالعة إحداها، حتى تتهاوى أدراج العمر ويعود شريط الحياة بتفاصيله الحلوة والمرة إلى الوراء.
علامات مثل "جرما" و"لاسيكون" و"أولماس" و"ستيام"، طبعت حياة المغاربة، ورافقتهم خلال محطات حياتهم المختلفة، وشكلت موضوع كتاب جامع حول قيمة العلامة وتأثيرها في المجتمع، حمل اسم "براند يور موروكو"، ضمن سلسلة لغات الجنوب، إذ يستعرض جون نويل كابفيفير، الخبير الفرنسي في العلامات التجارية، أبعادا جدية للعلامات، لا تقف عند حدودها التجارية المعروفة، بل تتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك، باعتبارها صورة للدعاية والانفتاح الثقافيين على الخارج.
لطالما كان الاحتفال بالشاي، فن مغربي حي، إذ يحمل هذا المنتوج في طياته دلالات الكرم والضيافة، بين الأسرة والأصدقاء، وداخل المكاتب وتحت الخيام، استطاع شاي "سلطان" ترسيخ مكانته في سوق، تحوي 400 علامة تجارية، لكن العودة إلى تاريخ المنتوج، يكشف عن رؤية خاصة لمؤسس الشركة المسوقة الحاج حسن الراجي، المعروف بـالحاج حسن "مول أتاي"، الذي أنشأ شركته الأولى في 1938، وسوق منتوجه في البداية تحت اسم "العرش"، قبل أن يتحول اسمه إلى "سلطان".
وبعد تأميم القطاع من قبل الدولة، واصل رجل الأعمال أنشطته في تسويق التوابل والسكر. وفي 1991، حين تم تحرير السوق، أنشأ حميد الراجي، نجل المؤسس، شركة "دامانديس"، المتخصصة في توزيع المنتوجات الاستهلاكية، ليتم في 1993 إطلاق علامة الشاي "سلطان"، المستوردة بشكل كامل من الصين.
الشاي العتيد في السوق، يجمع في وحدة صناعية عصرية بمنطقة بوسكورة، فيما يتوفر "سلطان" على فريق خص بالصين، يهتم باختيار الشاي والشروط المناخية لإعداده، وكذا كيفية تجميعه، إذ وقعت الشركة في هذا الشأن، على شراكات حصرية مع مزارعين صينيين، فيما يتم زراعة محصول الشاي في منطقة "زهي جيانغ"، القريبة من "شانغهاي".
ويضم شاي "سلطان" الكلاسيكي، سبعة أنواع من الشاي الأخضر، فيما نوعت الشركة منتوجاتها بإضافة نباتات عطرية، واعتماد أشكال تعليب أخرى بالنسبة إلى الشاي سهل التحضير، موازاة مع تعزيز صادراتها إلى الخارج، خصوصا نحو أوربا والشرق الأوسط وكندا، وكذا الولايات المتحدة الأمريكية وأفريقيا.