الأسباب الاقتصادية التي دفعت إسبانيا إلى تغيير موقفها من قضية الصحراء

ملفات خاصة - 21-03-2022

الأسباب الاقتصادية التي دفعت إسبانيا إلى تغيير موقفها من قضية الصحراء

الملك محمد السادس والعاهل الإسباني الملك فيليبي السادس يترأسان حفل توقيع 11 اتفاقية للتعاون الثنائي في العديد من المجالات -2019

اقتصادكم 

شكل إعلان الحكومة الإسبانية الجمعة، بشكل علني داعم لموقف المغرب في قضية الصحراء، تطورا مفاجئا ومهما في العلاقات بين مدريد والرباط.

الحكومة الإسبانية اعتبرت أن "مبادرة الحكم الذاتي المُقَدمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع" بين الرباط وجبهة البوليساريو، التي عبّرت عن "استغرابها" من موقف الحكومة الإسبانية.

أما الجزائر، حليفة البوليساريو، فأعلنت في وقت لاحق استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور ووصفت الموقف الإسباني بأنه "انقلاب مفاجئ"، لكن التحول في الموقف سبقته الكثير من الأحداث السياسية والاقتصادية بين البلدين، نحاول في هذا التقرير تلخيص أهمها.

ترسيم الحدود ومصافحة البرق

قبل أزيد من عام أجرى المغرب والولايات المتحدة، ’’ مصافحة البرق 2021» على مرمى حجر من جزر الكناري الإسبانية، وهي مناورات عسكرية، مشتركة استخدمت فيها حاملة الطائرات الأمريكية إنزنهاور، التي تحركت من جنوب إيطاليا لتشارك في هذه المناورات قبالة الصحراء المغربية.

جاءت هذه المناورات بعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

التوجس الاسباني، لم يكن وليد هذه المناورات أو غداة التوقيع على الاتفاقية الثلاثية، بل إنه نابع من عقلية اليمين الإسباني الذي تمثله بعض الأحزاب المناوئة للوحدة الترابية للمغرب، كما أن ترسيم الحدود البحرية الذي أعلن عنه المغرب رسميا في دجنبر 2019، ساهم في ارباك الحكومة الإسبانية التي لم تخفي توجسها من الصعود المغربي الذي لم تتعود عليه من قبل.

استقبال غالي، النقطة التي أفاضت الكأس

فجر استقبال الحكومة الإسبانية لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي، بهوية مزيفة غضب المغرب، ومؤذنا بحدوث أزمة دبلوماسية حادة، وصلت إلى حد استدعاء الرباط للسفيرة المغربية في مدريد، كريمة بنيعيش، التي عادت إلى العاصمة الإسبانية مدريد في الساعات الماضية، عقب هذه التطورات.

لكن بعيدا عن الدبلوماسية والخلافات السياسية، التي عصفت بوزيرة الخارجية الإسبانية، يكمن الاقتصاد في التفاصيل، خاصة عندما يتم ربط الموقف الإسباني الأخير بالحرب الأوكرانية الروسية.

ومعلوم أن للحرب تداعيات اقتصادية كبيرة، على أوربا والطاقة بوجه خاص وهو الأمر الذي دفع الغرب إلى استثناء القطاع الطاقي الروسي من العقوبات حتى الان.

المبادلات بين المغرب وإسبانيا

 يوجد بين المغرب وإسبانيا علاقات اقتصادية منذ عقود، ولهما مبادلات تجارية بملايير الدولارات، قدرها مكتب الصرف مع متم 2019، العام المرجعي قبل الجائحة، بأزيد 15 مليار دولار ما يجعل مدريد، للعام السابع على التوالي، الشريك الاقتصادي الأول للرباط متخطية باريس، كما أن المغرب هو الشريك الاقتصادي الأول لإسبانيا في إفريقيا والثالث خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك.

ولإسبانيا امتيازات أخرى، فهي المستفيد الأكبر من اتفاقية الصيد البحري، التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2019 بين المغرب والاتحاد الأوروبي وأسطولها هو الاكبر.

عملية مرحبا 2021 

تشكل عملية مرحبا السنوية، مصدر دخل إضافي مهم للشركات الإسبانية حيث يعبر ملايين المغاربة التراب الإسباني، ويستفيد من هذا العبور موانئ إسبانيا وشركاتها ومحطاتها وأيضا فنادقها، وقرار المغرب استثناء التراب الإسباني العام الماضي، كلف الخزينة الإسبانية، أزيد من 500 مليون يورو، بحسب وسائل إعلام إسبانية، تكبدت غالبيتها جمارك مدريد، مقابل استفادة المعابر الإيطالية والفرنسية الجنوبية من تلك العائدات.

سبتة ومليلية 

تعيش مدينتا سبتة ومليلية المحتلتين، على وقع أزمة اقتصادية خانقة منذ أزيد من سنتين، بعدما قرر المغرب وقف نشاط التهريب المعيشي بشكل نهائي على حدودهما، أعقبه صدور قرار إغلاق الحدود في 13 مارس من سنة 2020 بسبب الإجراءات الاحترازية المصاحبة لتفشي فيروس "كوفيد 19"، وهو الإغلاق الذي عمق من الأزمة داخل المدينتين، لذلك سارع حاكم مليلية إلى تثمين موقف بلاده الأخير.
 

الغاز المغربي/ الجزائري

دق الاجتياح الروسي لأوكرانيا، ناقوسا اقتصاديا داخل الأوساط الاوربية، إذ أن قطع الغاز الجزائري نحو إسبانيا المار من المغرب، قرأه محللون على أنه خطة لعزل أوروبا طاقيا، كي تظل تحت رحمة الغاز الروسي، خطة تجلت ملامحها بعد بدء الحرب.

  عليه فإن الحكومة الإسبانية، ترى أن مصلحتها مع المغرب وليس مع غيره، خاصة وأن التصويت الأممي على قرار يدين روسيا أفرز مجموعة من الإشارات المرتبطة بالاستقطاب الجيوسياسي، شمال وجنوب المتوسط. وهي إشارات التقطها صناع القرار بالاتحاد الأوروبي ومنهم إسبانيا التي تعهدت بأن تكون أكثر وضوحا.  

هذا ما أكدته المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، إيزابيل رودريغيز، في حديث مع صحيفة “لاراثون” أمس الأحد، حيث قالت إن تدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين إسبانيا والمغرب هو “نبأ سار.

 وقالت رودريغيز، “ينبغي أن نرحب بالنبأ السار المتمثل في تدشين هذه المرحلة الجديدة من العلاقات القائمة بين إسبانيا والمغرب، البلدان الجاران اللذان تجمعهما علاقات تاريخية”. مشيرة إلى أن هذه المرحلة الجديدة “تضمن الاستقرار الضروري، إن على المستوى السياسي أو من حيث انعكاساتها الإيجابية على التجارة بين إسبانيا والمغرب”.