التصعيد العسكري بين إسرائيل وغزة سيكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار

التحليل والرأي - 14-10-2023

التصعيد العسكري بين إسرائيل وغزة سيكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار

اقتصادكم

 

مع مرور الأيام واستمرار الصراع بين إسرائيل وغزة في الأسبوع الثامن، ومع ازدياد عدد الضحايا، خصوصًا بين المدنيين، وتدهور البنية التحتية والأحياء السكنية، تنمو المخاوف بشأن تصاعد هذا الصراع وتأثيراته على الاقتصاد العالمي.

في تقرير طويل نشرته "بلومبيرغ"، قدمت الوكالة ثلاثة سيناريوهات ممكنة للتأثير على الاقتصاد العالمي في ظل الحرب بين إسرائيل وغزة التي دخلت السبت في أسبوعها الثامن.

تحدثت الوكالة عن احتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي وسقوطه في حال تصاعد الصراع وأدى إلى ارتفاع أسعار النفط. وأشارت إلى أن هذا السيناريو يصبح واردًا إذا تطور الصراع ليشمل دولًا أخرى.

وأشار التقرير إلى وجود "خطر حقيقي" على الاقتصاد، حيث يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال غزو غزة بريًا ردًا على الهجوم الذي شنته حماس، وهناك مخاوف من انضمام مجموعات في لبنان وسوريا التي تدعم حماس إلى الصراع.

وفي هذا السيناريو، قدمت "بلومبرغ" تقديرات تشير إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارًا للبرميل، مع تباطؤ النمو العالمي إلى 1.7%، مما يمكن أن يسبب ركودًا يؤدي إلى خسائر تصل إلى تريليون دولار من الناتج العالمي.

يمكن للصراع في الشرق الأوسط أن يسفر عن اهتزازات عالمية نظرًا لأهميته كمورد حيوي للطاقة وممر شحن رئيسي. يمكننا أن نتذكر حرب أكتوبر سنة 1973، والتي أدت إلى حظر تصدير النفط، وسنوات من التضخم والركود في الاقتصادات الصناعية.

ولكن كان للصراعات الأخرى تأثيرًا محدودًا أكثر حتى عندما ارتفعت الخسائر البشرية بشكل كبير. يجب أن نضيف أن الاقتصاد العالمي يبدو ضعيفًا في الوقت الحالي ولا يزال يتعافى من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا في العام الماضي، ومن ثم، قد تشتعل نار التضخم من جديد في حالة نشوب حرب أخرى في منطقة إنتاج الطاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنتشر العواقب إلى أماكن أبعد مثل الاضطرابات في العالم العربي والانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، حيث تصبح أسعار البنزين أمرًا ذو أهمية بالغة في معنويات الناخبين.

إن كل هذه التأثيرات المحتملة تعتمد على تطور الصراع في الأسابيع والأشهر القادمة، وقامت "بلومبرغ" بدراسة تأثيره المحتمل على النمو العالمي، ومعدلات التضخم في ثلاثة سيناريوهات مختلفة.

الصراع محصور في غزة

في 2014، كان اختطاف وقتل ثلاثة إسرائيليين على يد حماس هو السبب وراء الغزو البري لغزة الذي أسفر عن مقتل أكثر من 2000 شخص. لم يمتد القتال خارج حدود غزة وكان تأثيره على أسعار النفط والاقتصاد العالمي محدودًا. إذا استمر الصراع في الحدود نفسها بين إسرائيل وغزة، يمكن توقع زيادة تتراوح بين 3 إلى 4 دولارات في أسعار النفط.


الحرب بالوكالة

إذا امتد الصراع إلى دول مجاورة مثل لبنان وسوريا التي تدعمها إيران والتي تضم ميليشيات قوية، سيصبح الصراع فعليًا حربًا بالوكالة بين إسرائيل وإيران، مما سيزيد من المخاطر الاقتصادية. سيؤدي التصاعد على هذه الجبهات إلى زيادة الخطر بشأن حدوث صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، مما سيتسبب على الأرجح في ارتفاع أسعار النفط. في الحرب القصيرة والدموية بين إسرائيل وحزب الله سنة 2006، ارتفع سعر النفط الخام بمقدار 5 دولارات للبرميل. في حالة تكرار مثل هذا الحدث الآن، يمكن أن يرتفع السعر بنسبة 10%، تقريبًا إلى حوالي 94 دولارًا.

معركة مباشرة بين إيران وإسرائيل

الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل هو سيناريو منخفض الاحتمال، ولكنه خطير، ويمكن أن يكون سببًا لركود عالمي. ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى ضربة قوية للنمو وزيادة التضخم. لا أحد في المنطقة، ولا حتى إيران، يرغب في رؤية الصراع بين حماس وإسرائيل يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة. إسرائيل تعتبر طموحات إيران النووية تهديدًا لوجودها، ويزيد القلق لدى إسرائيل عندما تقوم طهران ببناء تحالف عسكري مع روسيا وتعيد العلاقات الدبلوماسية مع السعودية.

بالنظر إلى أن نصف إمدادات النفط العالمي يأتي من منطقة الخليج، يمكن أن ترتفع أسعار النفط بشكل كبير في حالة إغلاق مضيق هرمز، مما يزيد من توترات الأسواق. على الرغم من أن سعر النفط الخام قد لا يرتفع بنسبة أربع مرات كما حدث في 1973، عندما فرضت دول عربية حظرًا على النفط، ردًا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب تلك السنة، إلا أن أي تصعيد بين إسرائيل وإيران قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، على غرار ما حدث بعد غزو العراق للكويت عام 1990.

"بلومبرغ" توقعت أن يؤدي هذا التصعيد إلى انخفاض بنقطة واحدة في معدل النمو العالمي، مما سيؤدي إلى انخفاض الرقم إلى 1.7% في عام 2024 في هذه الحالة.

في السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت أن طائرة مسيرة إسرائيلية قتلت عددًا من المسلحين الذين حاولوا التسلل من لبنان إلى إسرائيل. شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تصاعدًا في العنف، مما أدى إلى إطلاق نار وقذائف، والتصاعد يُشير إلى تصاعد الأزمة بين الجانبين.

لم تكن المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل هادئة، إذ شنت إسرائيل غارات على قطاع غزة، وأعلنت فرض حصار عليها بعد الهجوم الذي شنته حماس، وأسفر عن مقتل المئات واختطاف العشرات، معظمهم مدنيون، بما في ذلك أطفال ونساء.