اقتصادكم - سعد مفكير
عزز التقارب المغربي الفرنسي، من منظور استراتيجي وإشعاعي، صورة المملكة كدولة محورية ومستقرة في المنطقة، خاصة في ظل التوترات التي تشهدها بعض الدول المجاورة. وذلك ظهر جليا أثناء الزيارة التاريخية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب على رأس وفد رفيع ضم قرابة 120 شخصا، والتغطية الإعلامية التي رافقتها من مختلف الدول.
هذا التقارب، حسب أمين سامي، المحلل الاقتصادي والخبير في التخطيط الاستراتيجي، يدعم مكانة المغرب كوسيط موثوق وقوة إقليمية ذات علاقات متميزة مع أوروبا، ودول القارة الإفريقية والدول العربية والإسلامية ويعزز دوره في الشؤون الإقليمية والدولية.
من جهة أخرى، يضيف المحلل الاقتصادي، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، هذا التقارب يوفر للمغرب دعماً صريحا في قضاياه الاستراتيجية، مثل قضية الصحراء المغربية، حيث قد تتعزز المواقف الفرنسية لصالح المغرب في المحافل الدولية، خاصة أن زيارة الدولة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حملت اعتراف فرنسا بمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حاضرا ومستقبلا، باعتباره الحل الوحيد والجدي والواقعي، وبالإضافة إلى ذلك يعكس التقارب دعم باريس لمساعي الرباط، في مشاريع التنمية المستدامة والشراكات متعددة الأطراف، مما يعزز صورة المغرب كوجهة موثوقة للاستثمار ويحفز الاقتصاد الوطني خاصة لما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات وبنيات تحتية أساسية ورقمية وأوراش كبرى تشجع على خلق الاستثمار وتحفيز مناخ الأعمال وتطوير التنمية، وبالتالي تعزيز مكانة المغرب كبوابة لأفريقيا.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن حضور فرنسا كشريك استراتيجي يمنح المغرب نوعاً من "القوة الناعمة" التي تعزز صورته الإيجابية عالمياً، ما قد يسهم في توسيع نطاق دبلوماسيته الثقافية والاقتصادية، ويجعل من الرباط شريكاً في تحقيق الاستقرار والنمو على الصعيدين الإقليمي والدولي.
بالإضافة إلى ما سبق، يتيح هذا التقارب الاستراتيجي مع فرنسا للمغرب فرصة تعزيز قدراته الأمنية والدفاعية، إذ يعتبر التعاون في هذا المجال ضرورياً لمواجهة التحديات المشتركة كالإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة. ومن خلال تعميق هذه الشراكة، يمكن للمغرب الاستفادة من خبرات فرنسا التكنولوجية والعسكرية لتعزيز أمنه الوطني والإقليمي، مما يعزز دوره كدولة مسؤولة ومستقرة في المنطقة، يضيف المحلل الاقتصادي.
كما يدعم هذا التقارب الجانب الثقافي والتعليمي، حيث يُعتبر المغرب حلقة وصل حضارية بين أوروبا وأفريقيا والعالم العربي. وبالتالي فالتعاون مع فرنسا في مجالات الثقافة والتعليم العالي من شأنه أن يعزز القدرة التنافسية للجامعات المغربية، ويُسهم في تبادل المعرفة والابتكار، مما يخلق جيلاً جديداً من الكفاءات المغربية القادرة على قيادة التنمية والابتكار، وهو ما أشار له الرئيس الفرنسي في حوار مع القناة الثانية.
ويسهم هذا التقارب أيضا، يؤكد أمين سامي، في تعزيز التواصل بين الشعبين، إذ تعد فرنسا وجهة رئيسية للجالية المغربية التي تلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد الفرنسي وتعد جسراً بشرياً بين البلدين. فتعزيز العلاقات الثنائية يسهم في تحسين ظروف المغاربة المقيمين في فرنسا، ويُعزز روابطهم الثقافية والاجتماعية بوطنهم الأم، مما ينعكس بشكل إيجابي على صورة المغرب ويسهم في تقوية الروابط العميقة بين الشعبين.