اقتصادكم
أجمع خبراء على أن فرص نجاح مشروع “سيلا أتلانتيك” للربط الكهربائي بين المغرب وألمانيا تبقى ضئيلة، رغم طموحاته الكبيرة في نقل 26 تيراواط/ساعة سنويا من الكهرباء النظيفة عبر أطول كابل بحري في العالم.
المشروع الذي تطوره شركة “إكس لينكس” البريطانية بتكلفة تتراوح بين 30 و40 مليار يورو، يواجه معضلة اقتصادية حقيقية، فهو لن يغطي سوى 5% من استهلاك الكهرباء الألماني الحالي. الكابل البحري الممتد بين 3,800 و4,800 كيلومتر يمثل تحديا تقنيا ومخاطرة مالية ضخمة مقابل عائد محدود.
ويرى الدكتور دريد عبدالله، الخبير والباحث في مجال الطاقة، من ضمن خبراء استطلعت منصة “الطاقة” المتخصصة آراءهم، أن الواقع الفعلي لشبكة الكهرباء الألمانية لا يشير إلى حاجة ملحة لمشروع بهذا الحجم. بيانات 2024 و2025 تظهر أن الطلب على الكهرباء ظل مستقرًا أو انخفض في بعض القطاعات الصناعية، ما دفع الحكومة الألمانية لخفض الأسعار دعما للنشاط الاقتصادي.
ويشدد عبدالله على أن زيادة الواردات الأوروبية من الكهرباء التي حولت ألمانيا إلى مستورد صافٍ منذ 2023 لا تعني ضعفًا في البنية المحلية، بل تعكس فروقات في أسعار التشغيل تجعل الاستيراد أكثر اقتصادية في فترات معينة.
محطات الغاز تبقى الضامن الأساسي
ويوضح الخبير في تقنيات الطاقة المتجددة عبدالصمد ملاوي أن ألمانيا تنتج حاليا بين 57 و60% من كهربائها من مصادر متجددة بسعة مركبة تتجاوز 160 غيغاواط، منها 70 غيغاواط من طاقة الرياح و70 غيغاواط من الطاقة الشمسية. لكن المفارقة أن محطات الغاز المحلية تبقى العمود الفقري لاستقرار الشبكة، إذ قفز إنتاجها في 2025 بنسبة 20% لتعويض تقلبات الطاقة المتجددة.
من جانبه، يصف عبدالله المشروع بأنه “خيار إضافي” وليس بديلا، مؤكدا أن نجاحه يتطلب التزاما طويل المدى من الطرفين وضمانات تمويل فعالة، لكنه يبقى عالي التكلفة ومعرضًا لمخاطر تقنية وجيوسياسية متعددة. ويقول لمنصة “الطاقة” إن الاتجاه الألماني الواقعي ينظر إليه كجزء محتمل من مزيج طاقة متنوع دون التعويل عليه كمصدر رئيسي.
تحديات التمويل والتنفيذ
بدورها، تحذر المهندسة جيسيكا عبيد، مستشارة السياسات العامة للكهرباء، من خطر الانهيار حال غياب التمويل الضخم والالتزام السياسي الواضح. وتؤكد في تصريحات لمنصة “الطاقة” أن المشروع يحتاج لجمع مليارات الدولارات من التمويل، والتفاوض على التصاريح والحقوق البحرية عبر ولايات قضائية متعددة، وإدارة التوازن المحلي لتجنب المقاومة الشعبية في حال الشعور بأن التصدير يأتي على حساب الموثوقية المحلية.
ويقدر ملاوي فرص النجاح بـ40-50% فقط، مشددا على أن غياب الدعم الحكومي المباشر وآلية التسعير طويلة المدى سيشكل تحديا كبيرا. ويشير إلى أن المشروع لم يُعلن رسميا بعد، وما تم تداوله مجرد تصريحات إعلامية، ما يعني أن خطوات تبلوره ودخول المستثمرين والمؤسسات الحكومية من الطرفين والاتحاد الأوروبي ما زالت منتظرة.
معادلة غير متوازنة
من جهته، يختصر الخبير في قطاع الطاقة أمين بنونة المعادلة، موضحا في تصريحات لمنصة “الطاقة” أن عوامل الفشل المحتملة ترتبط بصفة أساسية بالاستثمار الضخم في خط بحري يمتد آلاف الكيلومترات مقابل عائد محدود بـ5% فقط من احتياجات ألمانيا.