هكذا غير التضخم ملامح الاستراتيجيات التسويقية لموزعي الأغذية واستنزف القدرة الشرائية للأسر

التحليل والرأي - 26-10-2023

هكذا غير التضخم ملامح الاستراتيجيات التسويقية لموزعي الأغذية واستنزف القدرة الشرائية للأسر

اقتصادكم

 

 

تأثرت العديد من السلع الاستهلاكية بما يعرف بالتقليل من الوزن الصافي للمنتج، وذلك كاستراتيجية تسويقية تقوم على تقليل كمية المنتج، دون تغيير التعبئة والتغليف.

منذ أكثر من سنة، تتعرض القدرة الشرائية للأسر لضغوط كبيرة، فيما تواصل أسعار المحروقات ارتفاعها، مما يؤثر بشكل كبير على أسعار العديد من المنتجات الأساسية، خاصة تلك المرتبطة بالتغذية. سواء تعلق الأمر باللحوم أو البيض أو الخضر، أو حتى الفواكه، إذ لوحظت زيادة ملموسة في الأسعار خلال الأيام الأخيرة. 

ووفقًا للمندوبية السامية للتخطيط، سجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك (IPC) زيادة بنسبة 0.8% في شتنبر 2023 مقارنة بالشهر السابق، وهو ما يعكس بشكل رئيسي زيادة بنسبة 1.3% في مؤشر المنتجات الغذائية، وبنسبة 0.5% في مؤشر المنتجات غير الغذائية.

وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك بنسبة 4.9% في شتنبر 2023 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. بالنسبة إلى محمد جدري، الباحث والخبير الاقتصادي، من المتوقع أن تستمر الأسعار في الارتفاع خلال الأسابيع القادمة، نظرًا لأن سعر برميل النفط قد يصل إلى 100 دولار بنهاية السنة.

ويتابع جدري، "الاقتصاد المغربي يعتمد إلى حد كبير على الخارج لتلبية احتياجاته من المنتجات النفطية. لذلك، عندما ترتفع أسعار الوقود على الصعيدين الدولي والمحلي، فإن ذلك يؤثر مباشرة على أسعار الوقود في المغرب. منذ شهر أغسطس وحده، تم تسجيل خمس زيادات متتالية، والوضع يجب أن يكون أسوأ في الأسابيع القادمة، نظرًا إلى أن سعر برميل النفط قد يصل إلى 100 دولار بنهاية العام، مما سيؤثر سلبًا على قوى الشراء لدى المغاربة..

ويوح المحلل الاقتصادي، أنه "بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط، هذه الزيادة الجديدة في الأسعار هي أيضًا نتيجة مباشرة للجفاف الذي يزداد انتشارًا في المغرب. "تأثر الاقتصاد المغربي بشدة بالجفاف الذي ينتشر في العديد من مناطق المملكة منذ 5 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، سلسلة الإمداد والتوزيع لدينا تحتوي على العديد من الوسطاء والمضاربين الذين يزيدون من التضخم. على سبيل المثال، الطماطم التي يبيعها الفلاح بسعر 3 دراهم، يمكن أن تصل إلى الأسواق المحلية بسعر قد يصل إلى 8 دراهم. لأنه قبل أن تصل إلى هناك، كان لا بد من أن تمر بوساطة العديد من الأشخاص، وكل واحد منهم يسعى لتحقيق هامش ربحه".

تجدر الإشارة إلى أنه من أجل التصدي لمشكل الوساطة والمضاربة، قامت وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة الفلاحة بإطلاق مشروع لتحديث عملية توزيع الفواكه والخضروات من خلال تصميم "جيل جديد" من الأسواق الجملة في 12 منطقة في المملكة. ولكن حتى تنفيذ هذه الاستراتيجية التي ستساهم في التخفيف من زيادة الأسعار، ستواصل القدرة الشرائية للمستهلكين المغاربة تراجعها. وبالفعل، وفقًا لأرقام استنتجت من استطلاع أجرته المندوبية السامية للتخطيط مؤخرًا، يتوقع 52.5% من الأسر تدهور مستوى معيشتها خلال الـ12 شهرًا القادمة.

في مواجهة هذا الوضع، يعتقد بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أنه "من الضروري أن يتغير الحد الأدنى للأجور الذي تحدده الدولة بناءً على تطور أسعار المحروقات. ويجب أن نتجه بدلاً من ذلك نحو الحد الأدنى للأجور المتغير، وليس الحد الأدنى الثابت أو الذي يتغير كل 10 سنوات أو 15 سنة. العديد من البلدان قامت بتنفيذ هذا الإجراء وهم يتعاملون معه بنجاح. الحد الأدنى للأجور الثابت ليس في مصلحة الحكومة ولا في مصلحة المستهلك".

ويتابع "القدرة الشرائية لدى المستهلكين تتآكل باستمرار، وأسوأ ما في الأمر هو الزيادات غير المرئية، مثل ما يسمى بالتقليل من الوزن الصافي، المعروف والتي أصبحت شائعة في المغرب".

إنها ممارسة تتمثل في تقليل كمية منتج دون تغيير التعبئة والتغليف. وهذا يعني أن التغليف يبقى هو نفسه، لكن الكمية تقل. أما السعر، فيظل ثابتًا أو في بعض الحالات، يرتفع مقارنة بالوضع السابق. 

وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن 42.2% من الأسر اضطرت إلى الاقتراض أو اللجوء إلى مدخراتها، في حين أكد 2% فقط منهم، أنهم يدخرون جزءًا من مداخيلهم. ويتبين أيضًا أن 79.5% مقابل 8% من الأسر يرون أن الوقت غير مناسب لشراء السلع مستدامة.