تباطؤ تفعيل قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ينعكس سلبا على المواطن والاستثمار

التحليل والرأي - 02-05-2022

تباطؤ تفعيل قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ينعكس سلبا على المواطن والاستثمار

اقتصادكم ـ شعيب لفريخ


إن قضية تبسيط المساطر والإجراءات القانونية من طرف الإدارة هو مطلب وطني وخارجي، يمتد على مدى أكثر من 22 سنة، لتحسين العلاقة مع المرتفقين والمستثمرين، وهو موضوع تحدثت عنه العديد من الخطب الملكية، وأصبح مرتبطا بالوثيقة الدستورية من باب الحكامة الجيدة.

ومن باب التذكير، تجدر الإشارة، إلى منشور الوزير الأول عدد 99/31 الصادر في 23 نونبر 1999 حول تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتشكيل اللجنة المكلفة بتبسيط المساطر الإدارية، وكذا إلى مخرجات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الإداري التي انعقدت في سنة 2002.

غير أن كل ذلك أحدث تراكما معينا ولم يحدث طفرة في مجال تبسيط المساطر والإجراءات، رغم صدور مرسوم 26 دجنبر 2018 الذي هو بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري.

لكن في سنة 2020 مع صدور ظهير 6 مارس 2020 بتنفيذ القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات، دخل المغرب في ورش فعلي لإصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة من أجل تسريع وتيرة النمو والزيادة في حدة التنافسية، وقد أحدث وقتها آمالا لدى المرتفقين والمستثمرين بالقطع مع نفور المواطنين والمستثمرين وتعقيدات الرتابة والروتين وضعف الخدمات والإفراط في استعمال السلطة التقديرية من طرف الإدارة، لصالح إيلاء الأهمية لعامل الزمن وحق الحصول على خدمة عمومية بجودة عالية، وبشكل عام تيسير الحياة اليومية للمرتفق وتيسير نشاط المقاولة.

وقد قامت الإدارات العمومية والسلطات المعنية بعد صدور القانون بمجهودات أولية معتبرة من حيث توثيق وتصنيف القرارات الإدارية، وتم بتاريخ 21 أبريل 2021 إطلاق البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية "إدارتي www.idarati.Ma كواجهة معلوماتية موحدة ومتكاملة في خدمة المرتفق.

لكن منذ حوالي ما يقرب سنة من الآن أصبح البطء في تطبيق القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات هو سيد الموقف، رغم صدور المرسوم التطبيقي بتاريخ 18 شتنبر 2020 بشأن تطبيق المادة 27 من القانون السالف الذكر بخصوص إحداث لجنة وطنية لتبسيط المساطر والإجراءات تحت رئاسة رئيس الحكومة.

واللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات حسب المرسوم التطبيقي تتكون من رئيس الحكومة، وزير الداخلية، الأمين العام للحكومة، إصلاح الإدارة، الاقتصاد الرقمي، ومن مهامها حسب القانون 55.19 تحديد استراتيجية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية والسهر على تتبع تنفيذها والمصادقة على مصنفات القرارات الإدارية.

لكن رغم ذلك ومنذ مدة لم يتم تفعيل اللجنة الوطنية ولم يتم تحديد استراتيجية وطنية لتبسيط الإجراءات والمساطر، كما لم يتم إصدار العديد من النصوص التنظيمية الأساسية، رغم أن القانون 55.19 من خلال المادة 33 حدد أجل أقصاه ستة أشهر ابتداء من نشر القانون في الجريدة الرسمية في حين ظل أمر نشر نصوص أخرى غير مقيد بأجل، وهو ما فتح الباب أمام التعثر والبطيء الذي طبع تنزيل القانون وورش الإصلاح إلى يومنا هذا.

كما أن حيثيات المادة 19 من القانون 55.19 باعتبار سكوت الإدارة عن الطلبات بمثابة موافقة، وعدم صدور نص تنظيمي بذلك، فسح مجالا من إفراغ مبدأ السكوت من محتواه الإيجابي، والرجوع بالممارسة إلى سابق عهدها.

وإذا كان القانون 55.19 ألزم الإدارات والمؤسسات العمومية جميعها بإعداد مصنفات قراراتها الإدارية واعتماد الرقمنة وإقرار تبادل الوثائق والمستندات بين الإدارات رقميا ومعالجة طلبات القرارات الإدارية بواسطة التكنولوجيا الرقمية، فإن عدم صدور نص تنظيمي بشأن نوعية الوثائق والمستندات الضرورية، وكذا التنصيص في القانون على أجل 5 سنوات من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ لاعتماد التكنولوجيا الرقمية، كل ذلك ساهم بشكل سلبي في البطء وعدم تفعيل القانون ورجوع بعض الإدارات إلى سابق عهدها. 

ومما لا شك فيه، فإن تباطؤ تفعيل قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية له انعكاس سلبي على المواطن والاستثمار وتطور الاقتصاد.