اقتصادكم
رغم الأداء اللافت للقيم ذات الطابع "النموي" (Growth) ببورصة الدار البيضاء منذ بداية سنة 2025، فإن أصواتاً عدة داخل السوق بدأت تدعو إلى توخي الحذر، محذرة من مخاطر الإفراط في التقييمات، وداعية إلى إعادة التوازن عبر التوجه مجدداً نحو القيم "الدفاعية" أو "القيم المنخفضة التقييم" (Value).
ولعدة سنوات، ظلت القيم الدفاعية مثل البنوك، الاتصالات، وبعض شركات الخدمات الأساسية تشكل العمود الفقري لمحافظ المستثمرين المؤسسيين بفضل استقرار مداخيلها وتوزيعها المنتظم للأرباح، إلى جانب تقلباتها المحدودة.
لكن منذ عامين تقريباً، تغيرت المعادلة. فقد أصبحت القيم النمويّة هي المسيطرة على تدفقات الاستثمار، مدعومة بنتائج مالية استثنائية. النصف الأول من عام 2025 وحده شهد ارتفاعاً مهولاً في رقم معاملات بعض الشركات: RDS (+85%)، Akdital (+67%)، Vicenne (+44%)، CFG (+41%)، وSnep (+40%). أما على صعيد الأرباح، فقد قفزت Sonasid بـ +359%، Involys بـ +300%، وAuto Hall بـ +145%.
في المقابل، عرف عدد من الشركات تدهوراً واضحاً في أدائها المالي، مما يعكس تفاوتاً كبيراً داخل السوق: HPS سجلت تراجعاً بـ -362% في نتيجتها الصافية، M2M Group بـ -107%، Lesieur بـ -84%، في حين زادت خسائر Unimer بـ 36.7%، حيث يؤكد هذا التباين أن النمو ليس اتجاهاً عاماً يشمل كل الشركات، بل إن السوق يشهد تشتتاً واضحاً في الأداء.
CIH Capital Management تدعو إلى التروي وإعادة التوازن
رغم أن مؤشر MASI قد ارتفع بنسبة تقارب 30% منذ بداية 2025، فإن CIH Capital Management تحذر من الإفراط في الحماسة، وتوصي بإعادة التوازن إلى المحافظ عبر زيادة التعرض للقيم الدفاعية.
وفي تقريرها الأخير حول آفاق الربع الثالث من سنة 2025، ترى الشركة أن الوقت قد يكون مناسباً لتدوير المحافظ نحو أسهم "Value"، خصوصاً في ظل تقييمات لا تزال جاذبة لبعض القطاعات،
أداء قوي للبنوك وقطاع البناء والأشغال العمومية (BTP)، تضخم منخفض في حدود 1%، وتوقعات بنمو اقتصادي في حدود 4.6%.
وترى CIH Capital أن هذه المعطيات تشكل بيئة مثالية لتفوق القيم الدفاعية، خصوصاً إذا ما واجه الاقتصاد صدمة خارجية أو تباطؤاً محلياً.
السوق أمام مفترق طرق: Growth أم Value؟
يرى المتابعون أن القراءة الكلاسيكية بين "نمو" و"دفاعي" لم تعد كافية، بل إن المواجهة الحقيقية باتت بين أسهم "Growth" ذات الأداء القوي والتقييمات المرتفعة، وأسهم "Value" الأرخص والأكثر استقراراً.
وفي الوقت الذي تستمر فيه القيم النمويّة في جذب السيولة، فإن اتساع الفجوة في التقييمات يثير تساؤلات حول مدى استدامة هذا الاتجاه. فصبر المستثمرين له حدود، وفي حال ظهور مؤشرات على تباطؤ اقتصادي أو ضغط على القدرة الشرائية أو أسعار المواد الأولية، فإن عجلة السوق قد تدور لصالح "Value".
عن "Finances News Hebdo" بتصرف