اقتصادكم
بعد بداية سنة قوية تميزت بارتفاعات استثنائية، دخلت بورصة الدار البيضاء منذ شتنبر 2025 مرحلة تصحيح وتجميع طبيعية بعد موجة الصعود الحادة التي عرفتها بين نهاية 2024 والنصف الأول من 2025.
فمؤشر مازي (MASI)، البارومتر الرئيسي للسوق، فقد نحو 10% من قيمته منذ ذروته، ليعود إلى مستويات سعرية أكثر توازناً. ويرى محللو شركة African Financial Investment (AFI) أن هذه الحركة لا تمثل نهاية للاتجاه الصاعد، بل تصحيحاً صحياً داخل مسار صعودي طويل الأمد بدأ منذ سنة 2023.
وأكد جيروم بومانجيل، الشريك في AFI، أن مؤشر مازي “خرج من مثلثه الصاعد من الأسفل”، وهي إشارة فنية كلاسيكية على بداية حركة تصحيح قصيرة المدى بعد تسارع قوي.
ويضيف: “كنا قد نبهنا منذ غشت إلى أن السوق يقترب من منطقة سخونة مفرطة. ما نراه اليوم ليس سوى تصحيح طبيعي لتلك الموجة القوية التي سُجلت بين نهاية 2024 وبداية 2025”.
تدعم المؤشرات الفنية هذا التحليل: فقد تراجعت التقلبات في السوق، كما انخفضت أحجام التداول، ما يدل على أن ضغوط البيع بدأت تتلاشى. ويرى بومانجيل أن منطقة 18.000 نقطة تمثل “دعماً محورياً” للمؤشر، مشيراً إلى أن أي تراجع طفيف دون هذا المستوى قد يشكل فرصة دخول مغرية للمستثمرين المتوسطين الأجل.
وأدت هذه المرحلة من “الاستراحة” إلى إعادة توازن التقييمات السوقية. فمضاعف السعر إلى الأرباح (PER) التوقعي لمازي، الذي بلغ ذروته عند 22 مرة في أبريل الماضي، تراجع إلى حوالي 19 مرة، أي قريب من متوسطه التاريخي.
ورغم التباطؤ في الزخم، تبقى الأسس المالية للشركات المدرجة قوية، إذ حققت أرباحاً سنوية متوسطة تفوق 20%، حسب تقديرات AFI، وهو ما يعزز الثقة في استمرار الاتجاه الصعودي على المدى المتوسط.
من جهته، يشير طارق أميار، الشريك المشارك في AFI، إلى أن بعض القيم القيادية تتبع نفس سلوك المؤشر العام، مثل اتصالات المغرب والتجاري وفا بنك، التي لا تزال تتداول فوق متوسطاتها المتحركة الرئيسية، ما يدل على أن الاتجاه الصاعد لم يُكسر بعد.
غير أن بعض المؤشرات الفنية، مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) وانخفاض الأحجام، كانت قد أعطت إشارات مبكرة على مرحلة تصحيح وجني أرباح بدأت تتبلور حالياً.
وبحسب أميار، قد يتراجع سهم التجاري وفا بنك نحو 660 درهماً قبل أن يستأنف مساره الصاعد طويل الأمد، في إطار سيناريو “العودة إلى خط الدعم”.
وفي ما يخص شركة (SMI) التابعة لمجموعة مناجم، فيلاحظ المحللون تشكّل نموذج فني على شكل مثلث يعكس تردد السوق، لكن أحجام الشراء تبقى مهيمنة.
ويضيف أميار: “السياق الدولي يدعم هذا الاتجاه، فالفضة تجاوزت ذروتها التاريخية لسنة 2011، متخطية عتبة 50 دولاراً للأونصة لتستقر بين 53 و54 دولاراً، بينما لا يزال سهم SMI متأخراً نسبياً عن هذه الدينامية”.
ويتوقع المحللون إمكانات كبيرة للحاق بالركب، إذ يُرجح أن يخترق السهم مثلثه الصاعد قريباً متجهاً نحو 3.550 درهماً، ما يجعله فرصة استثمارية دفاعية في سوق تمر بمرحلة تهدئة.
وعلى الرغم من التراجع الحالي، يتفق المحللون على أن الاتجاه العام للسوق لا يزال صاعداً، مدعوماً بأساسيات قوية، وآفاق ربحية مشجعة، وسيولة مؤسساتية مستقرة.
ويقول بومانجيل في الختام: “ما نشهده ليس انعكاساً للاتجاه بل عودة إلى التوازن بعد صعود قوي. نتوقع أن تكون سنة 2026 إيجابية، وإن كانت أقل دينامية من 2024 و2025”.
عن "Finances news hebdo" بتصرف