الاقتصاد والدبلوماسية في مسار واحد.. حصيلة استراتيجية المغرب منذ 1975

الاقتصاد الوطني - 07-11-2025

الاقتصاد والدبلوماسية في مسار واحد.. حصيلة استراتيجية المغرب منذ 1975

 

اقتصادكم-حنان الزيتوني

 

في أجواء وطنية نابضة بالافتخار، احتفل المغاربة يوم أمس 6 نونبر الجاري، بذكرى المسيرة الخضراء التي شكلت حدثا مفصليا في التاريخ الحديث للمملكة، وهذه المحطة لم تكن فقط رمزا لاسترجاع الأرض والسيادة، بل شكلت بداية مسار تنموي ودبلوماسي واقتصادي متكامل.

لكن بعد مرور ما يقارب نصف قرن على هذه الملحمة، يطرح سؤال جوهري: كيف نجحت الاستراتيجية الدبلوماسية الاقتصادية للمغرب منذ 1975 في ترجمة أهداف المسيرة إلى إنجازات واقعية ومستدامة؟

 

رؤية موحدة

وفي هذا السياق لابد من التذكير بأن المسيرة الخضراء وحدت الشعب المغربي خلف الإرادة الملكية، وكانت حدثا تاريخيا أعاد رسم ملامح الدولة الحديثة، فمنذ استرجاع الأقاليم الجنوبية، انطلقت المملكة في بناء استراتيجية دبلوماسية جديدة تمزج بين الدفاع عن الوحدة الترابية والانفتاح الاقتصادي، مما جعلها أحد النماذج الإفريقية الرائدة في التنمية المتوازنة.

وتجلت نتائج هذه المقاربة في سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية، أبرزها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وموقف مجلس الأمن الداعم للمقترح المغربي كحل وحيد للنزاع الإقليمي، كما عززت المملكة حضورها في المنتظمات الدولية والإفريقية من خلال مبادرات اقتصادية وإنسانية أعادت رسم صورتها كشريك استراتيجي موثوق.

 

اقتصاد صاعد

وهذه النجاحات السياسية ترافقت مع دينامية اقتصادية قوية في الأقاليم الجنوبية، فالأرقام تؤكد أن المنطقة شهدت نموا مزدوج الرقم خلال السنوات الأخيرة، بفضل المشاريع الاستثمارية في مجالات الطاقة المتجددة والصناعة والخدمات، وتحولت مدن العيون والداخلة إلى أقطاب اقتصادية جاذبة، بفضل بنية تحتية حديثة ورؤية تنموية موجهة نحو المستقبل.

وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي عبد الرزاق الهيري أن المغرب “تمكن من تحويل رمزية المسيرة الخضراء إلى رافعة اقتصادية حقيقية، من خلال مبادرات استراتيجية مثل المبادرة الملكية الأطلسية ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب". 

وأضاف الهيري في اتصال مع موقع "اقتصادكم"، أن “هاتين المبادرتين تشكلان امتدادا طبيعيا للاستراتيجية الدبلوماسية الاقتصادية التي تبناها المغرب منذ 1975، إذ تفتحان المجال أمام شراكات إفريقية جديدة قائمة على المنفعة المتبادلة، وتعززان مكانة المملكة كبوابة اقتصادية نحو القارة”.

 

تكامل إفريقي

وترتكز هذه الرؤية، وفق الخبير على منطق التكامل جنوب–جنوب، وعلى جعل الأقاليم الجنوبية فضاء للتواصل الإفريقي الأطلسي، فمشروع الميناء الأطلسي بالداخلة والطريق السريع نحو تزنيت، إلى جانب الاستثمارات في الطاقات النظيفة، تشكل كلها جزءا من استراتيجية تهدف إلى جعل الجنوب المغربي مركزا إقليميا للتبادل التجاري والاستثمار الأخضر.

وأورد الخبير الاقتصادي، أن المغرب نجح في تحويل المسيرة الخضراء من رمز للتحرير إلى أداة للبناء، فبعد استرجاع الأرض، جاءت مرحلة ترسيخ السيادة الاقتصادية عبر نموذج تنموي محلي يجمع بين حماية الموارد وتحفيز الاستثمار، ومع استمرار المشاريع الكبرى، تتجه الأقاليم الجنوبية لتكون نموذجا إفريقيا للتنمية المستدامة ومركزا محوريا للربط بين أوروبا وإفريقيا.