اقتصادكم
بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربعه على العرش، ألقى الملك محمد السادس خطابا متماسكا وعميقا، جمع فيه بين الواقعية الاجتماعية، والطموح التنموي، والحزم المؤسساتي، والانفتاح الدبلوماسي.
منجزات لم تكن وليدة الصدفة
وفي هذا السياق نشر موقع " laquotidienne" تحليلا، أكد من خلاله أنه خلال أكثر من ربع قرن من الحكم، ظل العاهل المغربي متمسكا برؤية “المغرب المتقدم، الموحد والمتضامن”، حيث أكد أن ما تحقق من منجزات لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة “رؤية طويلة المدى” و”خيارات استراتيجية صائبة”.
وأضاف المصدر ذاته، أنه بين الطفرة الصناعية، وتطور البنية التحتية، وصعود المهن العالمية كصناعة السيارات والطائرات والطاقة المتجددة والسياحة، يواصل المغرب ترسيخ نموذج تنموي متنوع وناجح.
ورغم هذه المكاسب، شدد الملك على أن التنمية لا تكتمل إن لم تشمل جميع المواطنين، أينما كانوا. وأوضح أن نسبة الفقر متعدد الأبعاد تراجعت من 11,9% إلى 6,8% خلال عشر سنوات، ما مكن المغرب من دخول خانة الدول ذات “التنمية البشرية العالية”. غير أن هذا التقدم، بحسب الملك، لا ينبغي أن يحجب حقيقة استمرار الفوارق في بعض المناطق، خاصة القروية.
وأمام هذه التحديات، دعا إلى “نهضة حقيقية في تأهيل المجالات الترابية”، من خلال تجاوز المقاربات الاجتماعية التقليدية نحو نموذج تنمية ترابية متكامل، يراعي العدالة المجالية، ويترجم إلى برامج ملموسة قابلة للتنفيذ، لا أن تبقى مجرد أوراق مركونة في الرفوف.
أربع أولويات للتنمية
ولتفعيل هذا التوجه، وجه الملك الحكومة إلى إعداد جيل جديد من البرامج التنموية الترابية، ترتكز على أربعة محاور أساسية: التعليم، الصحة، الماء، والتشغيل. وهي دعوة لإرساء عدالة ترابية تضمن تقليص الفجوات، وربط التنمية بمشاريع واقعية تُحدث الفارق في حياة المواطنين.
وعلى المستوى الدبلوماسي، حرص الملك على تجديد موقف المغرب تجاه الجزائر، مؤكدا أن “الشعب الجزائري شعب شقيق”، ومجددا دعوته لحوار صريح ومسؤول.
وبأناقة معهودة، ذكر الملك بأنه “مد يده باستمرار” للقيادة الجزائرية، دون مزايدات، انطلاقا من قناعة راسخة بضرورة تجاوز الخلافات، وترسيخ وحدة المصير بين الشعبين.
وفي ما يخص قضية الصحراء، عبر الملك عن فخره بالدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي، مشيدا بالمواقف البناءة لعدد من الدول مثل المملكة المتحدة والبرتغال. وأكد أن هذه المواقف “تشرف المغرب وتحثه على مواصلة السعي نحو حل توافقي يحفظ ماء وجه الجميع، دون منتصر أو مهزوم”.
أفق انتخابي ومؤسساتي
وبعين القائد اليقظ لمواعيد المؤسسات، أشار الملك إلى الاستحقاقات التشريعية المقبلة، داعيا إلى إعداد القانون الانتخابي العام لمجلس النواب قبل نهاية السنة الجارية، في إطار مشاورات سياسية شفافة.
وفي المجمل، لم يكن هذا الخطاب مجرد عرض لحصيلة. بل رسم معالم طريق نحو مغرب طموح، يعترف بتحدياته، دون أن يتنازل عن طموحه. مغرب لا يرضخ للضعف الاجتماعي، ولا ينكفئ أمام التوترات الإقليمية. مغرب يقوده ملك يضع الوحدة والكرامة والتنمية في صلب المشروع الوطني.