الفركي لـ"اقتصادكم": شروط الدعم الجديد تقصي 98% من النسيج الاقتصادي الوطني

الاقتصاد الوطني - 12-11-2025

الفركي لـ"اقتصادكم": شروط الدعم الجديد تقصي 98% من النسيج الاقتصادي الوطني

اقتصادكم - نهاد بجاج 


في الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على النظام الجديد للدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة لتعزيز الاستثمار وإحداث فرص الشغل، يرى فاعلون مهنيون أن هذا النظام يكرس الإقصاء بدل الإنصاف، خاصة في حق المقاولات الصغيرة جدا التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني. 

وفي هذا الاتجاه قال عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، إن الشرط الأساسي الذي يفرض أن تتجاوز قيمة الاستثمار مليون درهم يجعل الاستفادة من الدعم "شبه مستحيلة" بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا، معتبرا أن النظام سيقتصر عمليا على المقاولات المتوسطة التي تتوفر على السيولة والخبرة الكافية لتقديم طلبات الدعم.

وأوضح أن هذا الواقع "سيعمق الفوارق داخل النسيج المقاولاتي، حيث ستستفيد المقاولات المتوسطة بينما تقصى المقاولات الصغيرة جدا التي تشكل أكثر من 98.4% من مجموع المقاولات، وتشغل أكثر من 83% من اليد العاملة الوطنية.

لا أثر اقتصادي ولا اجتماعي متوقع

ويعتقد الفركي، أن النظام الجديد لن يحدث أي أثر اقتصادي أو اجتماعي إيجابي على صعيد المقاولات الصغيرة جدا، بل "قد يؤدي إلى تفاقم تدهور وضعها في المناطق النائية".

وأشار إلى أن المقاولات المتوسطة ستستحوذ على معظم الصفقات والخدمات التي كانت المقاولات الصغيرة تتنافس عليها، في حين قد تلجأ بعض المقاولات المتوسطة إلى إنشاء فروع صورية في المناطق النائية فقط من أجل الاستفادة من الدعم، قبل أن تغادرها بعد ذلك، كما حدث في تجارب سابقة خلال التسعينيات.

دعم غير عادل ومقاربة غير منصفة

وشدد رئيس الكونفدرالية، على ضرورة توجيه دعم الاستثمار نحو المقاولات المحلية الصغيرة جدا في الجهات، مع تخصيص نسب محددة لكل جهة لضمان عدالة مجالية فعلية.

وأكد المتحدث ذاته، أن الحديث عن فك العزلة الاقتصادية لا يمكن أن يتحقق عبر المقاولات الكبرى، بل عبر تمكين المقاولات الصغرى في المناطق المهمشة من الولوج إلى الدعم والاستثمار.

وحول ما إذا كان النظام الجديد يشكل تحولا في سياسة دعم الاستثمار، يرى الفركي أن التحول سلبي أكثر منه إيجابي، موضحا أن الحكومة الحالية رفعت الضرائب على المقاولات الصغيرة جدا من 10% إلى 20%، مقابل تخفيضها على المقاولات المتوسطة والكبيرة من 35% إلى 20%، وهو ما يعكس انحيازا واضحا نحو الفاعلين الاقتصاديين الكبار والمستثمرين الأجانب.

وأضاف أن عدم تطبيق القانون الصادر سنة 2013، الذي يمنح 20% من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة جدا، يكشف قصورا في دعم هذه الفئة رغم الوعود المتكررة من وزارة المالية، واعتبر أن تصريحات رئيس الحكومة في الرشيدية بخصوص استفادة المقاولات الصغرى من 30% من الصفقات العمومية "تتناقض مع الواقع وتشكل دعاية انتخابية سابقة لأوانها".

وحذر الفركي، من أن "التركيز الحالي على دعم المقاولات المتوسطة والكبيرة قد يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، وإلى ارتفاع عدد افلاسات المقاولات الصغيرة جدا، الذي قد يتجاوز 50 ألف مقاولة سنة 2025 بعد توقف برامج مثل فرصة وانطلاقة، وأكد أن سياسة الاستثمار الحالية لا تراعي التوازن المطلوب في النسيج المقاولاتي، وقد تضعف المجهودات المبذولة لتحقيق نمو شامل ومستدام.

ودعا رئيس الكونفدرالية، إلى مراجعة شاملة للنظام الجديد، وتبني مقاربة أكثر عدالة تراعي خصوصية المقاولات الصغيرة جدا، سواء من خلال تخفيض الضرائب، أو تطبيق القوانين الداعمة، أو تخصيص حصة فعلية من الصفقات العمومية لهذه الفئة، إضافة إلى تبسيط شروط الولوج إلى الدعم.

مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية أو عدالة مجالية دون تمكين المقاولات الصغيرة جدا من الأدوات الضرورية للنمو، فهي ليست عبئا على الاقتصاد بل هي نواته الأساسية.