لماذا يجب على المغرب أن يراهن على الإدماج الاقتصادي؟

الاقتصاد الوطني - 03-10-2025

لماذا يجب على المغرب أن يراهن على الإدماج الاقتصادي؟

اقتصادكم


في الوقت الذي يواصل فيه المغرب سعيه لتحقيق مكانة دولة ناشئة، لا تزال إشكالية الفقر المتزايد والبطالة كعقبة مركزية تهدد المسار التنموي الوطني، خصوصا في ظل توسع رقعة الفقر من المناطق القروية إلى الحواضر وهوامش المدن.

على المستوى الوطني، ارتفعت نسبة الفقر من 1,7% إلى 3,9%، ما يعني انتقال عدد الفقراء من 623 ألف إلى 1,42 مليون شخص، وفي المجال الحضري، ارتفع العدد من 109 آلاف إلى 512 ألف شخص، أما في المجال القروي، فقد قفزت النسبة من 3,9% إلى 6,9%.

في حوار مع Finances News Hebdo، علق يوسف الكراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، على التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط (HCP)، الذي كشف عن معطيات مقلقة حول ارتفاع نسبة الفقر المطلق بين 2019 و2022، قائلا:"أفضل وسيلة لبناء استدامة اجتماعية حقيقية هي التمكين الاقتصادي، وليس المساعدات الاجتماعية المباشرة التي قد تتحول إلى ريع لفئة قادرة على العمل."

وأرجع الكراوي هذا التدهور إلى ثلاثة عوامل رئيسية أولها جائحة كوفيد-19 (2020): التي تسببت في فقدان عدد كبير من المواطنين لوظائفهم، فيما عانى آخرون من تراجع في الأجور بسبب تباطؤ الإنتاج، والضغوط التضخمية (2022): نتيجة تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية وما نتج عنها من تضخم مستورد، زادها ضعف الإجراءات الحكومية الداخلية تعقيدًا، مما أدى إلى الدخول في مرحلة من الركود التضخمي، وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى غياب سياسة فعالة للتشغيل والإدماج الاقتصادي: حيث تركت فئات واسعة، خصوصًا الشباب والنساء، خارج دائرة النشاط الاقتصادي، ما عمّق الهشاشة الاجتماعية.

ردا على سبل تعزيز صمود الأسر في مواجهة الصدمات المستقبلية، شدّد الكراوي على ضرورة تفعيل التوصيات الكبرى التي جاء بها النموذج التنموي الجديد (NMD)، والذي وضع الإنسان في صلب السياسات العمومية.

لكنه في المقابل، انتقد تجاهل الحكومة الحالية لهذا النموذج في برنامجها، مما يطرح إشكالًا في التنزيل العملي للرؤية التنموية الوطنية. وأكد أن الأولوية اليوم يجب أن تُمنح لسياسة شاملة للتشغيل والإدماج الاقتصادي، وتحفيز دينامية جديدة تقوم على التمكين الذاتي والتشغيل الذاتي، سواء في المدن أو القرى، ودعم وتمويل ومواكبة النسيج المقاولاتي الوطني، المكوّن بنسبة 95% من المقاولات الصغرى والمتوسطة (TPME)، وخلق جيل جديد من المقاولات المنتجة للثروة والفرص، مما يُحسّن فعليًا مستوى معيشة الأسر.

وفي ختام حديثه، نبّه الكراوي إلى أن المساعدات الاجتماعية المباشرة، رغم أهميتها المؤقتة، ليست حلا طويل الأمد، بل قد تُنتج ريعًا اجتماعيًا يُضعف الحافز على العمل لدى فئة قادرة على الإنتاج. وعوضًا عن ذلك، مؤكدا أن:"الاستدامة الاجتماعية لا تبنى بالمساعدات، بل بالتمكين الاقتصادي الحقيقي."