مع تراجع الطلب الأوروبي.. صادرات صناعة السيارات تبحث عن نفس جديد

الاقتصاد الوطني - 06-10-2025

مع تراجع الطلب الأوروبي.. صادرات صناعة السيارات تبحث عن نفس جديد

اقتصادكم

 

يعاني قطاع صناعة السيارات، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، من تراجع ملحوظ في وتيرة صادراته خلال الأشهر الأخيرة، في ظل تراجع الطلب في الأسواق الأوروبية، خاصة السوق الفرنسية، وتزايد المنافسة من جانب السيارات الآسيوية، وعلى رأسها الصينية، التي أصبحت تُغري المستهلكين بعروض جذابة تجمع بين الجودة والسعر التنافسي.

ورغم أن هذا القطاع يشكل أحد أبرز محركات النمو الاقتصادي ويوفر آلاف مناصب الشغل، إلا أن مؤشراته في بداية سنة 2025 تعكس حالة من التراجع. فبحسب معطيات رسمية، بلغت صادرات القطاع مع نهاية أبريل 2025 حوالي 49 مليار درهم، مسجلة انخفاضًا بنسبة 7% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وهي رابع تراجع شهري على التوالي.

وفي محاولة لتفسير الوضع، أوضح وزير الصناعة والتجارة، رياض مزّور، خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن إنتاج القطاع – بما في ذلك مكونات السيارات – عرف تراجعًا بنسبة 22% خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة، مرجعًا ذلك إلى "الركود المسجل في السوق الأوروبية، وعلى وجه الخصوص الفرنسية، التي تمثل وحدها 25% من صادرات السيارات المغربية".

وأشار الوزير إلى أن الانخفاض في الطلب الأوروبي ناتج عن ارتفاع معدلات التضخم وتغير أذواق المستهلكين، الذين باتوا يفضلون السيارات الكهربائية والهجينة على حساب السيارات التقليدية العاملة بالوقود، والتي لا تزال تمثل الجزء الأكبر من إنتاج المصانع المغربية.

وتواجه السيارات المنتجة بالمغرب تحديًا إضافيًا يتمثل في المنافسة القوية للعلامات الآسيوية، خصوصًا الصينية، التي اقتحمت السوق الأوروبية بقوة بفضل أسعارها التنافسية وجودتها المتقدمة، مما زاد من صعوبة الحفاظ على الحصص السوقية السابقة.

ورغم أن المغرب انخرط في تصنيع بعض نماذج السيارات الكهربائية، مثل "سيتروين أمي" و"أوبل روكس" و"فيات توبولينو" في مصنع "ستيلانتيس" بمدينة القنيطرة، إلا أن هذه المركبات تبقى في فئة "الميكرو-سيارات"، وهي فئة محدودة الطلب. أما بالنسبة للسيارات الهجينة، فإن النموذج الأبرز حاليًا هو "داسيا جوغر"، غير أن العرض لا يزال غير كافٍ لتغطية مختلف شرائح السوق.

ويشير الخبراء إلى أن آفاق السوق الأوروبية لا تبعث على التفاؤل في المدى القريب، حيث لم تتجاوز مبيعات السيارات في أوروبا 4 ملايين وحدة حتى نهاية يونيو 2025، وهو رقم قريب من مستويات الجائحة، ما يعكس استمرار الأزمة.

وتُضاف إلى هذه التحديات معطيات جيوسياسية معقدة، من أبرزها تداعيات الحرب في أوكرانيا، والتي ألقت بظلالها على سلاسل التوريد والتجارة العالمية.

وفي هذا السياق، يرى يوسف الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الصناعي، أن "المغرب نجح في ترسيخ موقعه على خريطة صناعة السيارات العالمية، ليس فقط بفضل تطور حجم التصدير، بل أيضًا من خلال رفع نسبة الاندماج المحلي". لكنه حذّر من الاعتماد المفرط على سوق أو اثنين، معتبرًا أن ذلك "قد يعرّض السلسلة الصناعية برمتها لاهتزازات خارجية تهدد استقرارها".

ويضيف الإدريسي، في حوار مع "Finances News Hebdo" : "تنويع الأسواق لم يعد خيارًا ظرفيًا، بل ضرورة استراتيجية لحماية هذا القطاع الحيوي من تقلبات الأسواق العالمية وضمان استدامته على المدى الطويل".