انطلاقا من عوامل التميز والثراء والتنوع الذي تتسم به جهة الدار البيضاء سطات ، تشكل الجهوية المتقدمة بالنسبة لهذه الجهة ، الحجر الأساس لتحقيق النماء على المستوى الجهوي ، وتكثيف التعاون والتكامل مع الجهات الأخرى .
وبالنظر إلى الإمكانيات الهائلة لجهة الدار البيضاء، ومؤهلاتها السوسيو اقتصادية والمالية، فإن هذه الأخيرة يمكن أن تلعب دورا فعالا وإيجابيا في إعطاء دفعة ونفس ، جديدين للمسار التنموي الذي تنخرط فيه البلاد برمتها.
ومن خلال الاختصاصات الذاتية للجهة التي تعززت بفضل القانون التنظيمي الجديد 14-111 ، فإن جهة الدار البيضاء- سطات تراهن على البقاء في مركز الصدارة اعتمادا على مؤهلاتها ، وبنياتها التحتية ، حيث تستحوذ على 69 في المائة من المبادلات التجارية الوطنية ، و51 في المائة من حركة المسافرين ، و40 في المائة من حركة النقل الجوي ، و30 في المائة من الشبكة الطرقية.
وفي هذا الصدد تم وضع المواطن في صلب اهتمامات الجهة باعتباره محورا أساسيا في برنامج التنمية الجهوية كآلية استراتيجية تروم تنزيل الجهوية المتقدمة في إطار تنسيق تام وتكامل فعال مع مختلف الشركاء سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الوطني . وحسب معطيات تقرير حصيلتها برسم الفترة الممتدة ما بين 2015 و2021، فالجهة تبقى المنطقة الأولى في الاستهلاك والتوظيف بنسبة 3ر20 في المائة من ساكنة المغرب، إذ تمثل فيها الساكنة الحضرية نسبة 74 في المائة فضلا عن توفرها على 49 في المائة من الساكنة النشيطة ، و29 في المائة من الفاعلين في مجال التكوين المهني.
ومن المؤكد أن كل ذلك ينعكس على مكانتها كأول مركز اقتصادي وطني بنسبة 4ر32 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يتضح من خلال استحواذها على 75 في المائة من الإنتاج الصناعي الوطني ، و40 في المائة من التجارة الوطنية ، و57 في المائة من مجموع الصادرات ، وكذا 81 في المائة من الاستثمارات الصناعية.
ولإنجاح مرامي وأهداف برنامج التنمية الجهوية، فقد تمت مراعاة أربعة شروط أساسية تهم تحديد أولويات الجهة، واعتماد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة مع ضمان تنزيلها على المستوى الجهوي، أخذا البعد البيئي بعين الاعتبار من أجل ضمان التنمية المستدامة .
كما تم أخذ بالحسبان المؤهلات التي تزخر بها مختلف عمالات وأقاليم الجهة، وفي هذا المنحى تم التفكير في النهوض بالقطاع السياحي عبر تثمين الساحل والأنهار والسدود وموانئ الصيد والمراسي والغابات والشواطئ ، مع العمل على خلق دورات سياحية متكاملة وتثمين المناظر الخلابة بالعالم القروي من أجل تطوير السياحة القروية والبيئية .
وفي ما يخص القطاع الفلاحي يتوخى تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على المناطق الزراعية المتوفرة مع العمل على توسيع المجال السقوي . ومن جانب آخر فالجهة تتوفر على مواقع ذات فرص شغل عالية تشمل مختلف القطاعات وتتمركز بجميع الأقاليم .
وقد خلصت الدراسات التشخيصية الأولية-حسب التقرير- إلى الوقوف على مجموعة من المقومات والإكراهات والإشكالات التنموية السوسيو اقتصادية والتي تبلورت ضمن خمس محاور، رصد عبرها غلاف مالي إجمالي بقيمة 115 مليار درهم لإنجاز 155 مشروعا في إطار برنامج التنمية الجهوي (135 مشروعا تتكفل به الجهة والباقي من إنجاز قطاعات أخرى بما فيها العمومية والخاصة). وتشمل هذه المشاريع، المتضمنة لمشاريع فرعية، محاور تتعلق بالمقاولات والابتكار والشغل (30 مشروعا/ 4ر18 مليار درهم) ، والتنقل (34 مشروعا / 7ر46 مليار درهم) ، والوسط القروي (30 مشروعا/ 7ر8 مليار درهم) ، والأجيال الصاعدة (20 مشروعا/ 5ر12 مليار درهم) ، والجاذبية الاجتماعية والثقافية وجودة العيش (41 مشروعا/ 4ر29 مليار درهم).
ومن بين أهم مؤشرات هذا البرنامج التنموي إنشاء 10 قناطر ، وإنشاء وتهيئة ما يربو عن 1141 كلم من الطرق وإحداث شبكة مكونة من 350 حافلة ، ومد 3 خطوط ترامواي هذا فيما يتعلق بمحور التنقل .
أما محور الوسط القروي المندمج فيضم كهربة 48 من دواوير المناطق القروية واستفادة أكثر من 300 ألف نسمة من الولوج إلى المياه الصالحة للشرب في المناطق القروية ،وتهيئة أكثر من 3 آلاف كلم من المسالك القروية ، وتوفير 119 حافلة للنقل المدرسي وتأهيل 382 مؤسسة تعليمية بالمستوى الابتدائي ، و305 من الحجرات الدراسية .
وإلى جانب ذلك، هناك مؤشرات أخرى تتعلق بمحور الأجيال القادمة ، حيث يستفيد أكثر من 100 ألف نسمة من تطهير السائل بالمناطق القروية، وتأهيل وتثمين 6 آلاف هكتار من الغابات، وتثمين 3 مواقع رطبة ذات الفائدة البيولوجية، مع العمل على زرع مليوني نبتة للمحافظة على التنوع الغابوي.
أما على مستوى محور المقاولات والابتكار والشغل، فمن مؤشراته خلق 1090 مقاولة، ودعم 170 تعاونية، وإحداث مراكز للتكوين الجهوي، وتأهيل أكثر من 70 هكتار بالمناطق الصناعية التي تتيح ما يربو عن 10 آلاف فرصة شغل.
ويبقى محور الجاذبية الاجتماعية والثقافية وجودة العيش الأوفر حظا من حيث المشاريع، إذ من مؤشراته تأهيل 162 من الوحدات الصحية ، وتجهيز أكثر من 71 من الأحياء، وتوفير 106 من سيارات الإسعاف، وتنظيم 34 من المهرجانات الثقافية ، وإحداث 6 فضاءات الذاكرة والمقاومة، ودعم 454 جمعية ثقافية، وإحداث 5 وحداث استشفائية، وتوفير 41 شاحنة لنقل النفايات، وتكوين 1070 منتخب عبر 66 دورة تكوينية، وإنشاء مسبحين ، و26 ملعب للقرب و3 قاعات رياضية و5 مركبات رياضية ومسرح و5 دور ثقافة، وتأهيل 6 من المراكز الجماعية.
وعقب انقضاء سنة 2021 بإكراهاتها خاصة في ظل تداعيات الأزمة الصحية، يبقى السؤال المطروح أي تنمية تنتظر العاصمة الاقتصادية ومحيطها مع إحلال التصميم الجهوي الجديد للإعداد الترابي للجهة بما يستجيب لحاجيات الساكنة وتطلعاتها المستقبلية ؟