المراكز الجهوية للاستثمار مؤسسات لعرقلة استثمارات مشاريع القطاع الخاص

الاقتصاد الوطني - 05-03-2022

المراكز الجهوية للاستثمار مؤسسات لعرقلة استثمارات مشاريع القطاع الخاص

اقتصادكم شعيب لفريخ 

منذ أكثر من عقدين من الزمن مازالت إشكالية المراكز الجهوية للاستثمار ودورها البيروقراطي السلبي في فرملة  وعرقلة الاستثمار على مستوى الجهات قائما وإلى الآن ويتجدد على مرور الزمن بأشكال مختلفة، رغم التقارير التشخيصية بالاختلالات والتوصيات والتوجيهات المتعلقة بذلك، منها تقارير مجلس الحسابات من 2009 إلى 2017، تقرير المكتب الدولي للدراسات ماكينزي، وقبل ذلك كله الرسالة الملكية إلى الوزير الأول المؤرخة بتاريخ 9ـ1ـ2002 التي تعتبر بمثابة الإطار المرجعي للمراكز الجهوية للاستثمار، ورغم إطلاق ورش إصلاح هذه المراكز من طرف الحكومة السابقة وتأسيس لجان مركزية وجهوية وإصدار القانون رقم 18ـ47 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار ومرسومه التطبيقي، هذا القانون الذي أعطى للمراكز الجهوية صبغة المؤسسة العمومية ذات الشخصية الاعتبارية المتمتعة بالاستقلال المالي والإداري  تحت سلطة الولاة على مستوى الجهات، وحدد مهامها وحدث تنظيمها، ورغم كل ذلك مازالت الأمور على حالها المعهود ومازال أصحاب المشاريع يشتكون من الخدمات السيئة لهذه المراكز ومن عدم تسهيلها لأمور الاستثمار.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقبل حوالي أربعة أشهر21ـ10ـ2021، أصدر المكتب الوطني للمحاسبين المغاربة ODT بيانا جاء فيه " المشاكل الإدارية تعيق انطلاق عجلة الاقتصاد والاستثمار بالمغرب وأهمها الإشكاليات التي يعاني منها قطاع المحاسبين مع المراكز الجهوية للاستثمار من خلال منع المحاسبين من التوافد للإدارة من أجل تسريع ملفات الاستثمار لزبنائهم.. فحجز الموعد يتطلب مدة لا تقل عن شهر.. وإن عدم تسريع وتيرة الإدارة وعدم تطبيق القانون 55ـ19 بتبسيط المساطر الإدارية سيساهم في خلق الأزمات وتعقد المساطر وهروب المستثمرين وتزايد البطالة."

رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني قال حوالي 10 أشهر من الآن بتاريخ 7ـ6ـ2021 بمجلس النواب عند حديثه عن المراكز الجهوية للاستثمار، " أنها تتسم بضعف وعدم نجاعة عمل اللجان الجهوية للاستثمار، كما أن المراكز الجهوية للاستثمار تتسم بمحدودية حكاميتها وضعف تدبير مواردها البشرية وعدم فعالية النظام المعلوماتي." 

تقارير المجلس الأعلى للحسابات أعطت  منذ تقرير 2015 تشخيصا  لواقع المراكز كما أعطت توصيات من ضمنها بعض الأمثلة فقط : " لم يتم وضع  وتحيين أية استراتيجية متضمنة للأهداف  المحددة الموكلة للمراكز الجهوية للاستثمار؛ غياب الموارد البشرية المؤهلة للقيام بوظائف مهن الاستثمار؛ غياب الربط المعلوماتي بالإدارات المتدخلة وغياب نظام معلوماتي يسهل رقمنة احترام الآجال لأن غيابه هو في حد ذاته عقبة في وجه تحقيق الأهداف ويحد من جودة خدمات المراكز الجهوية للاستثمار."

ورغم أن تقرير مكتب الدراسات الدولي ماكينزي مضى عليه حوالي عشر سنوات، فإن نفس الملاحظات التي أبداها  مازالت قائمة منذ ذلك الوقت وإلى الآن: " المراكز الجهوية للاستثمار لا تقوم بدور تقديم النصائح والمعلومات والمواكبة؛ التأخير في تسليم الرخص ونقل العقارات؛ نقص الموارد البشرية؛ عدم التركيز على أنشطة التنمية الاقتصادية للجهات وعدم التكيف مع خصوصيات المنطقة والجهة."

وفي البحث الذي أنجزه البنك الدولي حول " معيقات تطور المقاولات في المغرب2013ـ2019 " فقد أبرز أن العائق الرئيسي الأول هو الرشوة، وكذا الحصول على الرخص والاجازات، بالإضافة إلى عوائق أخرى..

وبخصوص الرشوة، ومؤشرها، فحسب تقرير مؤسسة "ترانسبارانسي الدولية" الذي يصنف الدول وفقا لدرجة انتشار الرشوة في القطاع العام وفق تقييم الخبراء والفاعلين الاقتصاديين، فقد تراجع المغرب سنة 2021 للسنة الثالثة على التوالي إلى المركز 87 من بين 180 دولة وفقد 14 مرتبة مقارنة بسنة 2018.

والي بنك المغرب السيد عبد اللطيف الجواهري  حينما قدم عرضه حول " بنك المغرب ووضعية الاستثمار "  قبل حوالي ثلاثة أسابيع بتاريخ 15 فبراير 2022 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، تحدث بشكل جلي عن الرشوة واستدل على ذلك بتقريري  البنك الدولي حول " معيقات تطور المقاولات في المغرب"  وتقرير مؤسسة ترانسبارانسي الدولية؛ وقدم في هذا الشأن خلاصات نذكر منها : " ينبغي تسريع الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وإصلاح القطاع العمومي في جميع جوانبه؛ تحسين جودة الحكامة على جميع المستويات ومحاربة الفساد وربط المحاسبة بالمسؤولية ونجاعة استعمال الموارد وإرساء ثقافة التقييم في إطار الرؤية الاستراتيجية؛ إعطاء الأولوية اللازمة لتعزيز النسيج الإنتاجي المقاولاتي." 

تقرير مكتب الدراسات ماكينزي أورد توصية مهمة من بين توصياته والتي جاء فيها " أنه ينبغي تحويل المراكز الجهوية للاستثمار إلى ’مراكز جهوية للتنمية الاقتصادية’  من أجل استغلال المؤهلات والثروات التي تتوفر عليها الجهة"، إنها توصية استراتيجية جديرة بأن يتم تفعيلها في المستقبل لمصلحة تطور الاقتصاد المغربي.