اقتصادكم - صفاء الصبري
تشهد العلاقات المغربية الألمانية مؤخرا تحسنا ملحوظا عبرت عنه حكومة برلين بمجموعة مواقف إيجابية تجاه المغرب، آخرها رسالة الرئيس الألماني للملك محمد السادس، التي أكد فيها "دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الرائع في المغرب".
ويتوقع أن يسفر هذا التصالح المغربي الألماني، عن مزايا وتبادل للمصالح بين البلدين على جميع الأصعدة، سواء منها ما هو سياسي بالنسبة للمغرب وعلاقته بقضية الصحراء المغربية، او ما يهم الجانب الاقتصادي والتجاري الذي سيعود بالنفع على كلا الطرفين.
رسالة الرئيس الألماني "فرانك والتر شتاينماير"، تطرقت إلى الكثير من النقاط الإيجابية حول الإصلاحات المغربية في عدد من المجالات، وثمنت مبادرات المغرب في مجالين مهمين هما مكافحة التغير المناخي والتحول الطاقي.
وأوضح الرئيس الألماني، أنه بفضل التطور الديناميكي أصبح المغرب موقعا مهما للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية بإفريقيا.
عمر الكتاني الخبير في الاقتصاد، يرى أن التصالح المغربي الألماني سيساهم بالأساس في توزيع النفوذ الاقتصادي المغربي في أوروبا، بدل التعاون فقط مع إسبانيا وفرنسا كما كان الأمر عليه في السابق.
وأضاف الكتاني في تصريح لـ’’اقتصادكم’’ أن المغرب استفاد من الأزمة التي حصلت في السابق مع إسبانيا، والتي تسببت في قطع العلاقات السياحية وجزء من العلاقات الاقتصادية، وذلك عبر توسيع علاقاته مع دول أخرى في أوروبا من ضمنها ألمانيا.
وأوضح المصدر نفسه أن المغرب يحتاج إلى أوراق مختلفة يلعبها في مجال العلاقات الاقتصادية، حتى إذا فقد العلاقة مع دولة أوروبية يمكنه تعويضها بعلاقات مع دول أخرى، مشيرا إلى أن توزيع الأوراق يمنح المزيد من الأمن في العلاقات التجارية للمغرب.
وأضاف الكتاني، أنه من مصلحة المغرب أن تكون له علاقات امتيازية في قلب أوروبا، ومع عدد من الدول الأوروبية القوية اقتصاديا، وتطرق في هذا الصدد، إلى توجه المغرب للتعاون اقتصاديا مع إنجلترا، والذي يخدم نفس المسار في اتجاه تنويع العلاقات الاقتصادية المغربية.
وفي السياق ذاته أوضح الكتاني أن المغرب لم يعد يوجه اقتصاده لأوروبا فقط، بل اتجه إلى دول أخرى مثل البرازيل والهند وروسيا والصين، واستطاع أن ينهي عهد الهيمنة الاقتصادية الأوروبية على الاقتصاد المغربي.
وعلى الجانب السياسي شدد الكتاني على أن النفوذ الاقتصادي للمغرب مع دول كبرى يضمن له أيضا الحصول على مواقف سياسية "إيجابية"، لتلك الدول خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية والاعتراف بالصحراء المغربية، موضحا أن الدول الآن تبني علاقاتها على المصالح وليس على النفوذ الإيديولوجي.
من جانب آخر أوضح الكتاني، أن الأوروبيين اكتشفوا أن المغرب هو بوابة لإفريقيا الغربية وأن التجارة الأوروبية تمر عبر التراب المغربي إلى إفريقيا.
وفي سياق متصل قال الكتاني، إن الدول التي تفكر بأن إفريقيا هي المستقبل الاقتصادي في العقود المقبلة، أدركت أن المغرب أصبح مركز استراتيجيا وبوابة أساسية لولوج السوق الإفريقية، سواء من ناحية الاستثمارات في المغرب التي يصدر إنتاجها إلى إفريقيا، أو من ناحية الانتاج المصنع في أوروبا ويصدر عبر التراب المغربي إلى إفريقيا.
وحسب الكتاني فإن هذا أهم عنصر جعل الألمان يراجعون مواقفهم ويرغبون في إقامة الصلح مع المغرب لكي يحافظوا على هذا الممر الكبير للسوق الافريقية.
وبالإضافة إلى المنافع المتبادلة من الناحية السياسية والاستراتيجية وايضا العسكرية والتكنولوجيا، فإن العنصر الأهم وفق الكتاني هو عنصر "التنقيط"، والذي تستعمله المؤسسات المالية الأوروبية لتقييم الاقتصادات العالمية.
وأوضح الكتاني في هذا الصدد أن التنقيط السيئ يضعف الاستثمارات، لكن الدول النشطة اقتصاديا مثل المغرب والتي تتوفر على علاقات كبيرة مع دول قوية اقتصاديا يجعل التنقيط "إيجابيا" وستكون له منافع حتما، خاصة في فترة الأزمة المتعلقة بالوباء.