السياحة الداخلية سوق حقيقية منتجة للثروة ومناصب الشغل لم يتم استغلالها

الاقتصاد الوطني - 06-03-2022

السياحة الداخلية سوق حقيقية منتجة للثروة ومناصب الشغل لم يتم استغلالها

شعيب لفريخ


لعدة سنين منذ استقلال المغرب ظل المكتب الوطني المغربي للسياحة وفيا لمفهوم تصوره التأسيسي الذي وضعته الحماية الفرنسية بالمغرب والذي كان عمله موجها للخارج لجلب السياح الفرنسيين والأوروبيين إلى المغرب تحت سلطة الحماية الفرنسية، وذلك منذ تأسيسه سنة 1918 تحت إسم "اللجنة المركزية للسياحة " الذي تم تغيير إسمه في سنة 1937 إلى "المكتب الشريف للسياحة" ويصبح منذ سنة 1946 يحمل الإسم الحالي" المكتب الوطني المغربي للسياحة"، وهو ما جعل المكتب لردح من الزمن لا يعير أية أهمية لسياحة المغاربة في الداخل إلا في درجة ثانوية، وذلك على الرغم  من أهميتها البالغة في خلق الثروة ومناصب الشغل ومد ميزانية الدولة بموارد جديدة..؛ وقد كانت لجنة تقصي الحقائق لمجلس المستشارين في سنة 2018 حول المكتب الوطني المغربي للسياحة، محقة تماما عندما أوصت بإعادة النظر في القانون المنظم للمكتب وأوصت كذلك " باعتماد وتبني استراتيجيات وبرامج عمل بتمويلات تمكن من إرساء البعد الجهوي والسياحة الداخلية والعدالة المجالية في محاورها الرئيسية."

فالسياحة الداخلية هي سوق جد مهمة ينبغي استثمارها واستغلالها، لأنها غير مستغلة إلا بنسبة ضئيلة، فهي أحد الأعمدة الرئيسية ويمكن اعتبارها قاطرة استراتيجية لنمو وتوسع القطاع السياحي بشكل عام، ويمكن أن يفوق دخلها ومناصب شغلها ومنظومتها السياحة الأجنبية، وعلى سبيل المثال فمحطات بلادي التي سبق أن تم إطلاقها رفعت ليالي المبيت إلى نسبة 30%.

حاليا المكتب يروج لعلامة "نتلاقاو في بلادنا" المخصصة للترويج للسياحة الداخلية لدى المغاربة المحليين ومغاربة الخارج، وهذا وإن كان في حد ذاته شيء إيجابي، إلا أنه ينبغي إيجاد عروض متنوعة ومشجعة  لمختلف الفئات تراعي القدرة الشرائية، فالمكتب سبق له أن أنجز العديد من دراسات السوق والتحولات الكبرى والصغرى التي تتحكم في سلوك السياح وانتظاراتهم على الصعيد الوطني والدولي، لكنه  ظل يعطي وإلى الآن أهمية للخارج أكثر من الداخل.

السياحة الداخلية تحتاج كذلك في جزء منها إلى من يخرجها من واقعها غير المنظم إلى القطاع المهيكل، وتطوير أشكال مبتكرة وهيكلة أشكال سياحية خاصة، متنوعة ومختلفة، وبشكل عام تطوير نموذج مغربي لسياحة مستدامة.

وإذا كانت لجنة تقصي الحقائق لمجلس المستشارين السالف ذكرها قد وقفت على غياب الالتقائية في الاستراتيجيات والرؤى بين المكتب والشركة المغربية للهندسة السياحية كمؤسسة من مؤسسات القطاع العام، فإن كان هذا يدل على شيء فإنما يدل على ضعف الحكامة الجيدة، وهو ما لا يخدم قطاع السياحة لا بشقها الخارجي ولا بشقها الداخلي، والمكتب الوطني المغربي للسياحة يجب أن يتمغرب في تصوره ومهامه و أن لا يبقى خاضعا للتصور المفهومي الذي وضعه المستعمر الفرنسي لمهام المكتب بأن تبقى قبلته هي الخارج وجلب السياح من الخارج.