شعيب لفريخ
هددت الفدرالية المغربية لأرباب المخابز في بلاغ لها ’’ بتحرير ثمن الخبز من طرف واحد على غرار باقي المواد الاستراتيجية كالمحروقات بسبب الارتفاع الخيالي للمواد الأساسية، وتحمل المخابز لكل المصاريف منذ 20 سنة، وأن الدعم الحكومي لا يقدم إلى المخابز بل إلى الصناعة التحويلية لأرباب المطاحن، كما طالبت الفدرالية من الحكومة التقصي حول كمية وجودة الدقيق المدعم الموجه إلى الفئات الهشة والفقيرة، مشيرة إلى أن فلسفة تنمية سلاسل الإنتاج أودت بقطاع المخابز إلى الإفلاس رغم الدعم الذي خصص لسلسلة الحبوب والذي يبلغ 800 مليار في إطار برنامج مخطط المغرب الأخضر.’’
وقبل ذلك، قال رئيس الفدرالية عبد النور الحسناوي في تصريحه لبعض المواقع الإعلامية، إن الدقيق المدعم الذي يشبه الجبس يكون غير صالح لخبزه إلا بإضافة مواد أخرى كالسكر
كل ذلك جاء كرد فعل على تصريح مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة بشأن الدعم الحكومي ب 50 مليار سنتيم شهريا للحفاظ على السعر المرجعي للخبز في 1.20 سنتيم.
ولتوضيح الأمور لا بد من إبداء الملاحظات التالية، أن دعم الدقيق الأبيض المستخرج من القمح الطري من طرف الدولة والموجه إلى المعوزين هو شيء ليس بالجديد وقد تعاقبت على عدم المساس به عدة حكومات سابقة منذ عقود، وليس شيئا خاصا بالحكومة الحالية، وأن كل من المطاحن والمخابز لا يحاسبها أحد خارج الدقيق الأبيض المدعم، عن أثمان بيع جميع منتوجاتها المشتقة من القمح الصلب والقمح الطري.
فارتفاع أسعار القمح الصلب ومشتقاته المستوردة من السوق الخارجي عرفت ارتفاعا على الصعيد العالمي منذ حوالي شهر شتنبر الماضي2021 ، وتبعا لذلك قامت المطاحن والمخابز بزيادات في أثمنة منتوجاتها إلى يومنا هذا، ولم تتدخل الدولة، في حين أن ثمن القمح الطري الذي يستخرج منه الدقيق الأبيض المدعم ازداد ثمنه في السوق الدولية وتدخلت الدولة لأداء الفارق بين ثمن الاستيراد وثمن احتسابه للمطاحن حتى لا يتجاوز السعر المرجعي.
إن تحديد طرق وكيفية تنظيم أموال الدقيق المدعم الموجه إلى الفئات المعوزة ليست من اختصاص صندوق المقاصة، وإنما يشرف عليها المكتب الوطني للحبوب والقطاني، بناء على القانون 12.94 المتعلق بالمكتب الوطني للحبوب والقطاني وبتنظيم سوق الحبوب والقطاني، وكذلك المرسوم الصادر بتاريخ 30 يونيو 1996 لتطبيق ذات القانون. فالمادة 11 و12 من المرسوم تسند إلى 3 وزراء هم كل من وزير المالية والداخلية والفلاحة وبقرار مشترك بتحديد شروط شراء القمح اللين المعد لصنع الدقيق المدعم وكذلك شروط التوضيب والبيع والمدخرات الاحتياطية والتمويل وتحمل الدولة لكلفة الادخار، وتنظم المادتين 22و23 من القانون 12.94 المكافآت التعويضية للمطاحن عن بيعها الدقيق المدعم وكذا شروط تزويد المطاحن بالقمح اللين لصنع الدقيق المدعم ومقاييس المكافآت أو التخفيضات تبعا للجودة وشروط مصاريف الخزن والتسيير وهامش الربح الممنوح للتجار والتعاونيات فضلا عن شروط صنع الدقيق المدعم وتحديد جودته وتوضيبه ومراقبته وبيعه.
كما أن ذات القانون هو الذي يؤطر القطاع برمته وكذا جميع المهنيين من مطاحن ومخابز وغيرهم، حيث أن المجلس الإداري للمكتب الوطني للحبوب والقطاني الذي هو تحت وصاية وزير الفلاحة والمالية نصفه من الوزراء ويضم أيضا الجامعة الوطنية للمطاحن والجامعة الوطنية للمخابز..
إن أي مشكل حدث في القطاع يمس المهنيين من مطاحن ومخابز يمكن أن يطرح داخل المجلس الإداري للمكتب الوطني للحبوب لإيجاد حلول لمختلف الإشكاليات، كما أن مختلف مقترحات الإصلاحات السياسية والمالية والإدارية يمكن أن تطرح داخل البرلمان والتفاعل مع الحكومة في ذلك.
لكن الطرف الضعيف والذي يؤدي الثمن هو الفئات المعوزة بحيث أن الدقيق الأبيض المستخرج من القمح الطري يشتمل على نوعان، النوع الأول يسمى الدقيق الأبيض الممتاز Farine special والدقيق الأبيض الوطني Farine nationale ، وهو الدقيق الأبيض المدعم الموجه إلى الفئات المعوزة، لكن هذا النوع هو الذي تطرح بشأنه عدة أسئلة أي ما يسمى عند الخبراء ب Nova4، فعند التصنيع يتم استخراج عدة مواد أو منتوجات ذات قيمة غذائية ويتم تسويقها من طرف صناعيي المطاحن خارج الدقيق المدعم وما يجنونه من أرباح ، وفي غياب جمعيات حماية المستهلك التي يمكن أن تدافع عن المعوزين وعن استهلاكهم لمادة شبيهة بالجبس، فإن هؤلاء سيبقون عرضة لأمراض السمنة والسكري وأمراض الشرايين والقلب..
المكتب الوطني للحبوب والقطاني الذي يتوفر على المختبرات والذي أسند إليه القانون مراقبة المنتوجات فهو لا يقول شيئا عن ذلك ويترك الصناعيين يقومون بما يحلو لهم بخصوص قوت المعوزين. أما المكتب الوطني للسلامة الصحية ومراقبة المنتجات الغذائية فهو يلزم الصمت بخصوص ’’جبس ’’المعوزين المدعم.