أزمة الثقة تعيق تدفق رؤوس الأموال في الاقتصاد الوطني

آخر الأخبار - 11-11-2025

أزمة الثقة تعيق تدفق رؤوس الأموال في الاقتصاد الوطني

اقتصادكم


ربطت المديرة التنفيذية للاستثمار وتطوير التجارب بشركة Valoris Capital، فاطمة الزهراء بوزوبع، معيقات تدفق رؤوس الأموال نحو الاقتصاد الحقيقي بأزمة الثقة التي تخترق مناخ الاستثمار في المغرب، مؤكدة أن الإشكال لا يكمن في نقص التمويل، بل في غياب الثقة الكافية داخل المنظومة الاقتصادية رغم وفرة السيولة المالية وتعدد مصادرها.

واعتبرت بوزوبع، في منشور لها على حسابها بـ“لينكدن”، أن المغرب يعيش مفارقة اقتصادية لافتة، إذ لم يسبق أن توفرت السيولة المالية في البلاد بهذا الحجم الكبير، فالبنوك تمتلك احتياطات قوية، والمؤسسات الاستثمارية تبحث عن عوائد مستقرة، كما أن المدخرات الخاصة بدأت تعود تدريجياً إلى القطاع الرسمي منذ إطلاق العفو المالي.

غير أن هذه الوفرة المالية، تضيف بوزوبع، لا تنعكس بالقدر الكافي على تمويل المشاريع الإنتاجية، ما يجعل جزءا كبيراً من الأموال المتاحة يبقى خارج الدورة الاقتصادية الفعلية، دون أن يتحول إلى استثمار يخلق القيمة وفرص الشغل.

وشددت المتحدثة على أن الإشكال الأساس لا يتعلق بندرة الأموال، بل بضعف مصداقية المشاريع الاستثمارية وغياب إطار قانوني وتنظيمي واضح ومستقر يمنح الثقة للفاعلين الاقتصاديين، مؤكدة أن "الممولين يبحثون عن مشاريع واقعية ومخططات دقيقة، لا عن مجرد نوايا أو تصورات نظرية غير قابلة للتنفيذ العملي".

وأوضحت بوزوبع أن هناك ثلاث حلقات أساسية ما تزال تعرقل مسار التمويل في المغرب، أولها أن دراسات الجدوى والاستثمار غالباً ما تكون نظرية أكثر من اللازم، وتُصاغ بلغة تعكس النوايا أكثر مما تقدم خططاً تشغيلية قابلة للقياس والتنفيذ. 

"وثانيها أن المساطر الإدارية ما تزال غير واضحة من حيث الآجال، مما يصعّب إدماجها في الجدولة الزمنية لأي مشروع استثماري" على حد تعبيرها.

وأضافت أن الحلقة الثالثة تتمثل في هشاشة الثقة بين رواد الأعمال والمستثمرين والمؤسسات، إذ يسعى كل طرف إلى حماية نفسه من المخاطر بدل بناء علاقة تعاون قائمة على الانسجام والمسؤولية المشتركة، وهو ما يجعل رأس المال يدور في فلك مغلق دون أن يصل إلى الاقتصاد الحقيقي.

ولفتت المتحدثة إلى أن الأموال موجودة ومتوفرة بكثرة، لكنها تتوقف قبل أن تمس البنية الإنتاجية الفعلية، معتبرة أن تجاوز هذا الواقع يتطلب إصلاحاً هيكلياً يقوم على ثلاث ركائز أساسية: قواعد واضحة وشفافة، ومساطر موثوقة قابلة للتطبيق، واستمرارية في التنفيذ على المدى الطويل لضمان ثبات الثقة في المنظومة.

وزادت موضحة أن تمويل النمو الاقتصادي في المغرب لن يتحقق إلا عبر توفير بيئة مؤسساتية محفزة، قادرة على طمأنة المستثمرين ودعم المقاولات الناشئة والمتوسطة، مشددة على أن رأس المال موجود، لكن ما ينقص فعلاً هو الإطار الذي يمنح الأمان والرغبة في الالتزام والاستثمار بثقة واستدامة.