الإنتاج الذاتي للكهرباء: نحو لامركزية من أجل اقتصاد أكثر مرونة

آخر الأخبار - 03-10-2025

الإنتاج الذاتي للكهرباء: نحو لامركزية من أجل اقتصاد أكثر مرونة

اقتصادكم

 

يُعدّ الإنتاج الذاتي للكهرباء في المغرب، خاصة عبر الطاقة الشمسية، رافعة استراتيجية للانتقال الطاقي، وتحديًا مركزيًا لتعزيز التنافسية وحماية الأسر والصناعات الوطنية من تقلبات أسعار الكهرباء.

وفي الوقت الذي يسعى فيه المغرب لتقليص تبعيته الطاقية وخفض كلفة الفاتورة الكهربائية، تبرز الطاقة الشمسية الذاتية كخيار فعّال، يسمح للأسر والمقاولات، خصوصًا الصغرى والمتوسطة، بإنتاج جزء من حاجياتها الطاقية، حيث من شأن هذه الخطوة أن تساهم في تقليص النفقات وتحسين التنافسية، خاصة وأن الطاقة تشكل حصة كبيرة من تكاليف الإنتاج.

وقال أنس البويوسفي، الرئيس المدير العام لشركة Isolbox المتخصصة في النجاعة الطاقية:"بفضل هذه الدينامية، يمكن اليوم للعديد من المقاولات والمواطنين إنتاج جزء من كهربائهم، مما يؤدي إلى انخفاض مباشر في الفاتورة ويُحسن من قدرتهم التنافسية، خاصة خلال فترات الذروة."

رغم وجود أكثر من 50 ألف محطة شمسية في القطاع الفلاحي، إلا أنها تبقى غير مستغلة بالكامل بسبب غياب الإطار القانوني والتنظيمي الملائم، خصوصًا بالنسبة للأفراد والمنازل.

وأضاف البويوسفي:"بضعة كيلواط من الألواح الشمسية تكفي لتغطية جزء مهم من استهلاك الأسر خلال النهار، مما يترجم إلى انخفاض محسوس في الفاتورة الشهرية. أما بالنسبة للمقاولات الصغيرة التي يتركز استهلاكها نهارًا، فالعائد يكون أكثر وضوحًا."

القانون موجود… لكن التطبيق يتأخر

رغم صدور القانون رقم 82.21 في فبراير 2023 بهدف تنظيم الإنتاج اللامركزي للكهرباء، فإن نصوصه التطبيقية لم تصدر بعد، مما يعرقل تفعيله على أرض الواقع. وقد دفع هذا التأخير بمجلس المنافسة إلى دق ناقوس الخطر، معتبرًا أن المغرب يتوفر على فرصة ذهبية لتخفيض كلفة إنتاج الكهرباء، لكنه لا يزال يستغلها بشكل محدود.

وكانت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة قد أعلنت في يوليوز 2025 عن قرب إصدار أربعة مراسيم تطبيقية لتنزيل هذا القانون، منها ما يخص تقنين عمليات التركيب والتوصيل والتخزين، وتنظيم إعادة بيع الفائض من الكهرباء، وفرض استخدام العدادات الذكية وشهادات أصل الكهرباء المنتجة.

كما ينتظر خفض الحد الأدنى لقدرة محطات الإنتاج الصناعي من 20 ميغاواط إلى 5 ميغاواط، ما سيمكن العديد من المقاولات الصناعية الصغرى والمتوسطة من الدخول إلى السوق، حيث أضاف المتحدث ذاته أن "هذا التعديل سيسمح للعديد من المقاولات الصناعية الصغيرة بالاستفادة من تخفيض مباشر في كلفة الطاقة".

إشكالات في تعويض الفائض

وفقًا لخبير الطاقة سعيد قمرة، فإن القانون يعاني من ثغرات بنيوية، من أبرزها أن شركات التوزيع تُعوّض فقط 20% من الطاقة الفائضة التي يُنتجها المواطن أو المقاولة، في حين أن نسبة الفائض قد تصل إلى 60%، خاصة في حالات التفاوت الزمني بين الإنتاج النهاري والاستهلاك الليلي.

وأضاف الخبير "ما يعني أن نسبة تصل إلى 40% من الكهرباء المنتجة قد تُمنح مجانًا لشركة التوزيع دون تعويض عادل للمُنتج".

ورغم وجود تحفيزات ضريبية، فإن كلفة المعدات الشمسية وأنظمة التخزين ما زالت مرتفعة، ما يجعلها غير متاحة للأسر محدودة الدخل، ويُقلّص من انتشار هذه الممارسة في المناطق الهشة.

قيود تقنية وتنظيمية

وسجل قمرة وجود قيود تقنية تُعيق التطوير، مثل تحديد الحد الأقصى للإنتاج المنزلي بـ 11 كيلواط فقط، واشتراط 5 ميغاواط على مستوى الجهد المتوسط للمقاولات، مما يستبعد معظم الوحدات الصناعية في المناطق القروية، وتحديد "سقف الإنفاق الطاقي" عند 2% فقط من الإنتاج الوطني، مما يحدّ من الأثر المتوقع للإنتاج الذاتي.

ودعا مجلس المنافسة إلى تعزيز الإنتاج الذاتي المنزلي (الجهد المنخفض)، تحويل المستهلكين إلى "منتجين للطاقة الخضراء"، تسهيل المساطر الإدارية، رفع سقف الطاقة المسموح ببيعها، تقوية البنية التحتية للتخزين، تطوير صناعة وطنية لإنتاج البطاريات، وإدماج السيارات الكهربائية كمصدر مرن للطاقة.