اقتصادكم - أسامة الداودي
أعلنت الحكومة في مشروع قانون المالية 2026 تخصيص غلاف مالي يبلغ حوالى 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم، ما أثار نقاشا واسعا حول قدرة هذه الزيادة على الوصول فعليًا إلى الجهات والهامش القروي.
ومع هذا الإعلان، دعت أطراف نيابية وخبراء إلى إدراج ضمانات تشريعية ورقابية تضمن نزول الاعتمادات إلى المستفيدين الحقيقيين، عبر مؤشرات متابعة شفافة وآليات تقييم أداء ميداني قابلة للقياس والمحاسبة.
السياسات العمومية والعدالة المجالية
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي أن الزيادة الكبيرة التي عرفتها ميزانيتا قطاعي الصحة والتعليم، والتي بلغت حوالي 140 مليار درهم بارتفاع تجاوز 16%، تعبّر عن العناية الخاصة التي يولِيها الملك محمد السادس لهذين القطاعين الحيويين، انسجاماً مع التوجهات الملكية السامية الرامية إلى وضع سياسات عامة تستجيب لانتظارات المواطنات والمواطنين.
وتابع إدريس السنتيسي في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن تلك الزيادة تقدّم حلولاً عملية وخرائط طريق للحكومة من أجل ترجمتها إلى سياسات عمومية فعّالة وتنزيلها على أرض الواقع.
الإمكانات الحالية والحكامة الفعالة
وأبرز السنتيسي أن هذا المبلغ المالي الضخم يُعد خطوة مهمة جداً، حتى وإن كانت التراكمات التي يعرفها القطاعان تتطلب مجهوداً أكبر، إلا أن الإمكانات الحالية للمملكة تجعل من هذا الاعتماد المالي إنجازاً يستحق التنويه.
كما ذكر أن ذلك "يعكس إرادة سياسية واضحة في سبيل تطوير الخدمات الاجتماعية وتحسين جودتها لصالح عموم المغاربة" على حد تعبيره.
وشدد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في حجم الاعتمادات المالية على أهميتها، بل في مدى قدرتها على التحول إلى أثر ملموس داخل الجهات والمناطق القروية، مؤكداً أن نجاح الحكومة في هذا الورش يتطلب حكامة فعالة وآليات تتبع دقيقة تضمن العدالة في التوزيع والمردودية في التنفيذ.
تحديات مغرب السرعتين وربط التمويل بالأثر الميداني
وأشار إلى أن الملك محمد السادس كان قد أكد في أكثر من مناسبة على أهمية تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، محذّراً من استمرار ما سماه “مغرب السرعتين”، أي الفجوة بين المدن الكبرى والمناطق القروية والجبلية، وهو ما يستدعي، حسب تعبيره، ضبط الإيقاع المزدوج لتنزيل المشاريع في قطاعي الصحة والتعليم بما يحقق الإنصاف بين مختلف مناطق المملكة.
وأضاف السنتيسي أن الفريق الحركي يؤمن بأن حجم الاعتماد المالي لا يكفي لوحده ما لم يُرفق بمنظومة رقابية صارمة تضمن ربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن تقييم نجاح هذه الخطوة لن يُقاس بالأرقام المعلنة في قانون المالية، بل بمدى تحسن الخدمات الصحية والتعليمية على أرض الواقع وبلوغها المستفيدين الحقيقيين في القرى والمناطق النائية.