اقتصادكم
يسعى المغرب، في إطار رؤيته الاستراتيجية لبناء اقتصاد أزرق قوي، إلى تعزيز موقعه كمركز إقليمي رائد في زراعة الطحالب البحرية، باعتبارها قطاعا واعدا يربط بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. هذا التوجه يندرج ضمن استراتيجية أوسع لتوسيع قاعدة الاقتصاد المائي وتنويع أنشطته، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاستدامة البيئية والاقتصادية على حد سواء.
وحسب المعطيات المتوفرة، لم تعد زراعة الطحالب نشاطا تكميليا محدود الأثر، بل أضحت خيارا استراتيجيا يعكس وعيا متزايدا بإمكاناتها البيئية والاقتصادية. فهي تساهم في خفض انبعاثات الكربون، وتحسين جودة النظم البيئية البحرية، وفي الوقت ذاته توفر فرصا مهمة للاستثمار في مجالات واعدة مثل الصناعات الغذائية، والصيدلانية، والتجميلية، والتكنولوجيا الحيوية، وهي قطاعات تعرف نموا متسارعا على الصعيد العالمي.
وفي هذا السياق، يذكر أن المغرب يعتمد في تطوير هذا القطاع على مسارين متكاملين، الأول يخص زراعة الطحالب الكبيرة التي شهدت انطلاقة فعلية عبر مشاريع قائمة، والثاني يتعلق بالطحالب الدقيقة التي لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها تحمل آفاقا واعدة خاصة في الصناعات ذات القيمة المضافة العالية. ويمثل هذا التنوع في التوجهات رهانا استراتيجيا على الابتكار والبحث العلمي لتطوير منتجات بحرية مستقبلية.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن هذا النشاط أصبح ثاني أكبر فرع داخل قطاع تربية الأحياء المائية في المغرب، بإجمالي 70 مشروعا مرخصا، أي ما يعادل 22% من إجمالي المشاريع في القطاع. وتتمركز هذه المشاريع بشكل أساسي في منطقتي بحيرة مارتشيكا وجهة الداخلة وادي الذهب، ما يعكس اختيار مناطق ذات مؤهلات طبيعية ملائمة واعتماد مقاربة إنتاج منخفضة الأثر البيئي.
وقد تمت ترجمة هذه الخطط إلى مشاريع على الأرض، حيث تم بالفعل إنشاء 34 مزرعة للطحالب تساهم بحوالي 13% من فرص الشغل المباشرة في القطاع، إلى جانب 11 مشروعا إضافيا قيد الإنشاء. إجمالا، ينتظر أن تصل الطاقة الإنتاجية لهذا القطاع إلى نحو 91 ألف طن سنويا، باستثمارات تفوق 399 مليون درهم، وتوفير أكثر من 850 منصب شغل مباشر، مما يعكس إمكانات عالية للنمو والتنمية المحلية.