اقتصادكم
على الرغم من الاهتمام المتزايد بإنتاج الهيدروجين الأخضر كوقود نظيف، وارتفاع زخم المشروعات العالمية بهذا المجال في السنوات الأخيرة ، إلا أن هذا التحول لم يكن كافيًا للوصول إلى الإنتاج الصناعي والتجاري على نطاق واسع.
ومع ذلك، تعد المملكة المغربية أحد الدول التي تركز جهودها بشكل متسارع في هذا المجال، حيث باتت مراكش مركزًا دوليًا لتطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر، وهو ما ظهر بوضوح خلال القمة العالمية للهيدروجين الأخضر التي عُقدت في أكتوبر 2025.
المغرب: نموذج عالمي في توليد الهيدروجين الأخضر
وأكد المشاركون في القمة العالمية للهيدروجين الأخضر من مختلف أنحاء العالم أن المغرب يمتلك إمكانيات هائلة لتوسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يتمتع بعدد من الميزات التي تجعله موقعًا مثاليًا لهذا التحول الكبير، لا سيما الموارد المتجددة من الطاقة الشمسية والرياح التي تعتبر من الأفضل عالميًا.
وقد أشار العديد من الخبراء في الجلسات النقاشية إلى أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب يجعله في موقع مناسب ليس فقط لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ولكن أيضًا لتصديره إلى الأسواق الأوروبية والعالمية، مما يعزز من مكانته كمركز للطاقة المستدامة.
ريك دي بيزيري، الرئيس التنفيذي لشركة إنجي لمنطقة شمال أفريقيا، أبرز أهمية الجمع بين الاستهلاك المحلي والتصدير، مشيرًا إلى أن المغرب يجب أن يركز أولًا على تلبية الطلب المحلي على الهيدروجين الأخضر قبل التفكير في تصديره. هذا النهج يضمن استدامة الإنتاج ويوفر الحوافز الاقتصادية المحلية في مرحلة مبكرة، حسب منصة الطاقة.
عوامل أساسية لتعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر
أكد المتحدثون في القمة على أن تكنولوجيا التحليل الكهربائي والتحول إلى الطاقات المتجددة هما الأساس لتحقيق التحول السريع نحو الهيدروجين الأخضر. في هذا السياق، قال نادر الزعبي، المدير العام لشركة شنايدر إلكتريك في المغرب، إن تقنيات إنتاج الهيدروجين أصبحت متاحة على نطاق واسع، والشبكات الذكية قد تمثل إحدى الحلول المهمة لدمج الطاقة الشمسية والرياح بشكل أكثر كفاءة في إنتاج الهيدروجين.
وأضاف أن من بين أبرز العوامل الداعمة لتحقيق هذه الطموحات، هي التكلفة التنافسية لمصادر الطاقة المتجددة، وتقليل نفقات رأس المال في محطات التحليل الكهربائي، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج وتوسيع استخدام الهيدروجين الأخضر. وأكد أيضًا أن المغرب يمكن أن يُشكل نموذجًا مثاليًا لدول شمال أفريقيا في هذا المجال.
التكامل الرقمي والأنظمة الذكية: عامل رئيسي في دعم الإنتاج
من العوامل التي تساهم في تسريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، التكامل الرقمي بين مختلف مصادر الطاقة المتجددة. حيث أشار المشاركون في القمة إلى أن الشبكات الذكية ستسمح بالتكيف مع التغيرات في إمدادات الطاقة المتجددة بشكل أكثر مرونة، مما يعزز من كفاءة استخدام الموارد ويساعد في تقليل الهدر.
واعتبر طارق أحمد، مسؤول البرنامج الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا، أن المراقبة الرقمية وتقنيات التحليل الكهربائي المتطور هما من العوامل الحاسمة التي ستساهم في رفع الكفاءة وزيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل أكبر.
وقال المتحدثون إن المغرب يمتلك البيئة المناسبة لتطوير مراكز التمويل الخاصة بمشروعات الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن استخدام هذه الأدوات لتشجيع الشركات العالمية على الاستثمار في مشاريع إنتاج الهيدروجين.
ونظرًا لمزاياه الطبيعية والتقنية، يمكن أن يكون المغرب رائدًا في مجال الهيدروجين الأخضر في المنطقة والعالم. ومع التوسع في استخدام الطاقات المتجددة وتطوير التقنيات المتقدمة، قد يحقق المغرب أهدافه في أن يصبح أحد أكبر منتجي الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.