المغرب يطلق جيلا جديدا من برامج التنمية الترابية المندمجة

آخر الأخبار - 21-10-2025

المغرب يطلق جيلا جديدا من برامج التنمية الترابية المندمجة

اقتصادكم 

 

أطلق مشروع قانون المالية لسنة 2026 دينامية جديدة في مجال التنمية الترابية المندمجة، بجعلها في صلب التوجهات الاستراتيجية للدولة، باعتبارها رافعة رئيسية لتحقيق العدالة المجالية وتحفيز الاستثمار وخلق فرص الشغل، انسجاما مع التوجيهات الملكية الداعية إلى إرساء نموذج تنموي أكثر توازناً وشمولية بين مختلف الجهات.

وحسب ورقة تفاعلية حول برامج التنمية الترابية المندمجة، من إعداد مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، فإن التنمية المجالية لم تعد مجرد بعد مكمل للسياسات العمومية، بل تحولت إلى ركيزة مركزية في عملية التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، تهدف إلى تجاوز المقاربات القطاعية الضيقة نحو رؤية مندمجة تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأكدت الورقة أن الخطابين الملكيين بمناسبتي عيد العرش (29 يوليوز 2025) وافتتاح السنة التشريعية (10 أكتوبر 2025)، شكلا نقطة تحول في التفكير التنموي بالمغرب، حيث دعا الملك محمد السادس إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، الكفيلة بترسيخ مبدأ الإنصاف المجالي وضمان تكافؤ الفرص بين الجهات.

وأضافت الورقة ذاتها، التي اطلع موقع "اقتصادكم" على نسخة منها، أن التجارب السابقة أظهرت محدودية السياسات المجالية القائمة على الفصل بين القطاعات، مما دفع نحو اعتماد منهجية جديدة تقوم على الاندماج الترابي كإطار شامل لتوحيد الجهود العمومية، وتستند هذه المقاربة إلى إشراك مختلف الفاعلين المحليين، وتعزيز التنسيق بين الدولة والجماعات الترابية والمجتمع المدني، بهدف ضمان انسجام البرامج وتحقيق مردودية أكبر للاستثمارات العمومية.

وترى الورقة أن مشروع قانون المالية 2026 يجسد هذا التحول من خلال إدراج التنمية الترابية المندمجة ضمن أولوياته الاستراتيجية، وجعلها أداة رئيسية لتحفيز الاستثمار العمومي وتوجيه الموارد نحو المناطق الأقل استفادة من البنيات التحتية والخدمات الأساسية، إضافة إلى دعم القطاعات الاجتماعية الحيوية كالتعليم والصحة والتشغيل.

وفيما يتعلق بآليات التنفيذ، أوضحت الورقة أن الحكومة وضعت، بتنسيق مع وزارة الداخلية، إطارا مؤسساتيا وتنظيميا لتأمين تنزيل البرامج الجديدة على أرض الواقع، وقد صدرت في هذا الإطار دورية وزارية بتاريخ 15 غشت 2025 موجهة إلى الولاة والعمال، تدعو إلى إعداد البرامج وفق مقاربة تشاركية تشمل المصالح الخارجية والجماعات الترابية والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني.

كما تم إحداث لجان قيادة جهوية وإقليمية مكلفة بتتبع مراحل الإعداد والتنفيذ والتقييم، إلى جانب إعداد دليل منهجي يحدد الخطوات الإجرائية الواجب اتباعها لضمان الانسجام بين مختلف الجهات، مع اعتماد نظام حكامة يقوم على عقود الأهداف التي تربط التمويل بالنتائج ومؤشرات الأداء.

وأشارت الورقة إلى أن الجهود الحكومية تتجه كذلك نحو إحداث نظام معلوماتي موحد لتتبع البرامج والمشاريع، يهدف إلى تحسين الشفافية في تدبير الموارد العمومية وقياس الأثر الفعلي للاستثمارات على التنمية المحلية، كما يتم العمل على تعزيز قدرات الجماعات الترابية في مجالات البرمجة والتمويل والتقييم، في إطار تفعيل سياسة اللاتمركز الإداري، بما يتيح انتقالا فعليا نحو اللامركزية التنموية.

وأكد المصدر ذاته أن هذا الجيل الجديد من البرامج يشكل تحولا نوعيا في السياسة الترابية بالمغرب، ويضع الأسس لتخطيط مجالي أكثر عدالة واستدامة، قادر على خلق تنمية متوازنة ومندمجة تضع المواطن في قلب الفعل العمومي.