اقتصادكم
بعد إعلان وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، عن قرب إطلاق حزمة دعم مالي "هامة" لفائدة الفلاحين الأمريكيين المتضررين من الحرب التجارية مع الصين، يتجدد النقاش في المغرب حول غياب آليات مماثلة لحماية الفلاحين المحليين من تقلبات السوق العالمية والاختلالات المناخية، ويضع هذا الإعلان الأمريكي الضوء على الفجوة الموجودة بين الدول التي تعتمد سياسات دعم استباقية تحمي الإنتاج الوطني، وتلك التي ما زالت تفتقر إلى منظومة حماية مرنة وموجهة، كما هو الحال بالنسبة للفلاح المغربي الصغير والمتوسط.
وأبرز تصريح الوزير الأمريكي، الذي أشار فيه إلى أن الدعم سيركز خصوصا على منتجي فول الصويا الذين فقدوا منفذهم نحو السوق الصينية، كيف أن بعض الدول باتت تعتبر الفلاحين ركيزة استراتيجية يجب الحفاظ عليها، خصوصا في سياق النزاعات التجارية والضغوط الجيوسياسية، أما في المغرب، ورغم أن القطاع الفلاحي يشغل نسبة كبيرة من الساكنة النشيطة، ويعد دعامة للاقتصاد الوطني، فإن التدخلات الحكومية ما تزال في الغالب ظرفية.
وفي نفس السياق يتساءل عدد من المهنيين المغاربة عن غياب رؤية واضحة لتثمين سلاسل الإنتاج، وخاصة في القطاعات التصديرية الحساسة مثل الطماطم، الحوامض، وزيت الزيتون، فبينما تستعد واشنطن لاستعمال مداخيل الرسوم الجمركية لدعم فلاحيها، لا يزال الفلاح المغربي يواجه أعباء السوق لوحده وفق الخبراء في المجال الفلاحي، في ظل ضعف التعويضات وعدم تكييف أدوات التمويل مع واقع الفلاحة المغربية، التي تتسم بالتفاوتات الجهوية وبهيمنة الفلاحين الصغار على النسيج الإنتاجي.
ويرى الخبراء أن المغرب مطالب بإعادة هيكلة آليات الدعم الفلاحي بما يجعلها أكثر عدالة ونجاعة، وذلك عبر التركيز على دعم الدخل، تأمين الإنتاج ضد المخاطر، وربط السياسات الفلاحية بالتقلبات الدولية، كما أن التحولات العالمية تفرض على المملكة نهج سياسة فلاحية أكثر ذكاء، تزاوج بين الدعم المباشر وتثمين سلاسل القيمة، مع تعزيز الابتكار الفلاحي والانتقال نحو أنظمة إنتاج مستدامة.