اقتصادكم - نهاد بجاج
شهد النظام البنكي خلال الفترة الأخيرة تحسنًا ملحوظًا في مستوى السيولة البنكية، مدفوعًا بعدة عوامل اقتصادية، على رأسها العفو الضريبي الذي أتاح تسوية طوعية للأموال غير المهيكلة، في هذا السياق، صرّح يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، وخبير اقتصادي، لموقع "اقتصادكم"، بمجموعة من النقاط التي تلقي الضوء على الأثر الحالي والمستقبلي لهذا الإجراء.
يرى الفيلالي أن العفو الضريبي كان عاملًا أساسيًا في تحسين وضع السيولة لدى الأبناك، فقد ساهمت عملية التسوية الطوعية، التي يُقدر حجمها بما يتجاوز ثلث الاقتصاد غير المهيكل (حوالي 330 مليار درهم)، في تخفيف الضغط على الأبناك، ونتيجة لذلك، انخفضت الحاجة إلى تدخل بنك المغرب لتقديم السيولة، مما أدى إلى تراجع عجز السيولة البنكية بنسبة 8,26% خلال الفترة الأخيرة.
ومع ذلك، أكد الفيلالي أن تحقيق استدامة هذا التأثير الإيجابي يتطلب توجيه الأموال المستخلصة من التسوية الطوعية إلى الاقتصاد المهيكل، بدلًا من العودة إلى أساليب تقليدية كالتخزين المنزلي.
في ظل هذا التحسن، خفّض بنك المغرب تسبيقاته لمدة 7 أيام بـ2,32 مليار درهم لتصل إلى 57,4 مليار درهم، ويعتبر الخبير الاقتصادي، أن هذا التراجع يعكس وفرة السيولة الحالية في الأبناك، لكنه ينبه إلى أن الوضع قد يتغير إذا لم يتم استثمار الأموال الناتجة عن التسوية الطوعية بفعالية في الاقتصاد، إذ قد يؤدي تخزين الأموال خارج النظام البنكي إلى نقص جديد في السيولة، مما سيستدعي تدخلات أكبر من بنك المغرب.
كما أشار الفيلالي، إلى أن الدولة تخطط لإطلاق جولة جديدة من التسوية الطوعية خلال النصف الثاني من السنة الجارية، وهو ما يمكن أن يُعزز استمرار تحسن السيولة البنكية، هذا الإجراء، إذا نُفّذ بنجاح، قد يُطيل فترة انخفاض تدخلات بنك المغرب إلى 9 أو 10 أشهر، وربما يمتد تأثيره الإيجابي إلى السنة بالكامل.
وأضاف أن الوضع الحالي للأبناك يُعد مريحًا، إذ تتوفر على سيولة كبيرة، لكنه دعا إلى استغلال هذا الوضع من خلال توفير منتجات مالية مبتكرة، مثل صناديق التوفير والأسهم، وتشجيع الاستثمار، وشدد على أن الأبناك يجب أن تتجاوز دورها التقليدي كحافظ للودائع، وتساهم بشكل مباشر في تحفيز الاقتصاد الوطني عبر تمويل المشاريع الإنتاجية.
رغم التحسن الواضح في السيولة البنكية، إلا أن التحدي الرئيسي يكمن في الحفاظ على هذا التحسن، ويُحذر الفيلالي، من خطر عودة الأفراد الذين استفادوا من التسوية الطوعية إلى سحب أموالهم من الأبناك وتخزينها بطرق تقليدية، مما قد يؤدي إلى تقليص السيولة البنكية، ولتفادي هذا السيناريو، وشدد رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، على أهمية قيام الأبناك بدور توعوي وتحسيسي، بالتعاون مع الحكومة، لتشجيع الزبناء على البقاء في النظام البنكي وتعزيز ثقتهم في المعاملات المالية الرسمية.