اقتصادكم
أكد المشاركون في يوم دراسي نظمته الجمعية المغربية للسياسات العمومية، الخميس بالرباط، أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يحمل ميزانية لترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية والعدالة المجالية.
وأبرز المتدخلون، خلال هذا اللقاء المنظم تحت شعار "الأبعاد الاجتماعية لمشروع قانون المالية 2026.. ضرورة أمنية أم إستراتيجية للتنمية؟"، أن هذا المشروع، الذي ينص على زيادة ملحوظة في النفقات الاجتماعية، يستدعي تفكيرا عميقا حول توزيع الموارد بين المجالات الترابية والأثر الملموس للإنفاق العمومي في تقليص الفوارق الجهوية.
وسجل المشاركون في هذا اليوم الدراسي، المنظم بشراكة مع منتدى الباحثين بوزارة الإقتصاد والمالية ومؤسسة "فريدريش ناومان"، أن مشروع قانون المالية 2026 يتميز بزيادة تناهز 16 بالمائة في الاعتمادات المخصصة للصحة والتعليم، إلى جانب إحداث 27 ألف منصب مالي موجه بالأساس لهذين القطاعين.
وأضافوا أن هذه الأرقام تعكس إرادة واضحة لتعزيز الإنفاق الاجتماعي، وفقا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى صون كرامة المواطنين وضمان الولوج العادل للخدمات العمومية الأساسية.
من جهة أخرى، اعتبر المتدخلون أن ارتفاع الإنفاق الاجتماعي لا يمكن مقاربته فقط من زاوية الجهد الاجتماعي، مبرزين أن المبادئ الدستورية للعدالة الاجتماعية والتضامن المجالي تقتضي مساءلة ليس فقط حجم النفقات، بل أيضا كيفية توزيعها والمستفيدين منها، وذلك لقياس أثرها الحقيقي على تقليص الفوارق الجهوية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، عثمان مودن، أن هذا اليوم الدراسي يهدف إلى تعميق النقاش حول مضامين مشروع قانون المالية 2026، من خلال إشراك الفاعلين الأكاديميين من مختلف الجامعات المغربية، والمتخصصين من المنتدى، إلى جانب الخبراء المهتمين بهذا الموضوع.
وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بإيجاد "توازن دقيق" بين الضغوط المالية وتطلعات المواطنين الاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الإكراهات، من بينها التغير المناخي والجفاف اللذين يستدعيان تعزيز الاستثمارات في البنيات التحتية المائية، وكذا المتطلبات المرتبطة بتنظيم تظاهرات دولية كبرى، لا سيما كأس العالم 2030 التي تتطلب استثمارات هامة في البنيات التحتية.
من جهته، أكد أمين المال بالجمعية المغربية للسياسات العمومية، منير أعماري، أن هذا اللقاء يروم تسليط الضوء على مجموعة من التحديات والمعطيات المحددة المرتبطة بإعداد مشروع قانون المالية 2026، مما سيمكن من إدخال التعديلات اللازمة أخذا بعين الاعتبار مختلف الإكراهات والأولويات، لا سيما ذات الطابع الاجتماعي.
كما شدد على أهمية تعبئة الاستثمار العمومي، خاصة في إطار الاستعدادات المرتبطة بكأس العالم 2030، مؤكدا أن هذا اللقاء يشكل فرصة لإطلاع الرأي العام على رهانات هذا المشروع الذي سيكون له انعكاسات مباشرة على التنزيل الناجح للسياسات العمومية.
وتوزعت أشغال هذا اليوم الدراسي، المنظم في إطار سلسلة اللقاءات العلمية متعددة التخصصات للجمعية المغربية للسياسات العمومية، حول ثلاثة محاور قدمت قراءة شاملة للتوجهات الاجتماعية لمشروع قانون المالية 2026.
وقد تناول المحور الأول تحليل أولويات المشروع الاجتماعية، فيما ناقش المحور الثاني موضوع العدالة المجالية والتوطين الترابي للنفقات الاجتماعية. أما المحور الثالث فخصص لحكامة السياسات الاجتماعية وآليات التتبع والتقييم والتواصل مع المجتمع.