الشطر التاسع من الفصل "يـوم الرب" لرواية أراضي الله

لايف ستايل - 15-04-2024

الشطر التاسع من الفصل "يـوم الرب" لرواية أراضي الله

اقتصادكم

 


غريب كيف يتجسد الألم أحيانا بالموسيقى ᴉ بالنسبة لي، دائما أحسست أكبر آلامي في الحياة بالموسيقىᴉ غالبا ما نعاني كثيرا لدرجة أننا قد ننتقل من الألم الجسدي إلى ألم مضاعف غير مادي، لا يمكن السيطرة عليه أو وصفه، هذا الشرخ في الروح حيث لم نعد نشعر بشيء. 

تلك إحدى اللحظات النادرة، حيث كلمة روح تأخذ كل معناها. إحساس غريب بالتشرذم حيث الجسد ليس أكثر من كيان عابر، ليس سوى جسر للعبور لا معنى له، ولا ثقل له أمام الأمواج العاتية التي تجتاح القلب والروح. 

ما معنى الألم؟ هل هو معزوفة رقصة البندقية لباشيلبيل؟ أو ضوء القمر لديبوسي أو السمفونية السادسة
لتشايكوفسكي أو بالأحرى الشجن؟ إنه نوعا ما خليط من كل هذا زائد سمفونية أداجيو فور سترينغ لصمويل باربر، تلك اللحظة التي تتكاثف فيها حركة الكمنجات بأقصى ما يمكن، بنوتة مطولة تشبه صوت سكين يمزق الجلد. 

ضوضاء مستنيرة ولكنها تكتم صوت النصل الذي يخترق نسيج الجلد الناعم الذي يغطي اللحم. تلك اللحظة تحديدا حيث ينقطع الوريد، ويلامس الدم الساخن برودة النصل. الألم، إنه عندما يولد مخلوق من جديد بعد موت بطيء لا يفتأ يتكرر. تلك اللحظة التي تلخص الحياة في صرخة تترد في موجات لا نهائية، كطقس من الطقوس، رقصة انتشاء حيث يأخذ وجه الموت لون الريح، أي لون السماء، نعم هذا هو لون الموت، أزرق مائي، لا يشبه زرقة البحر، إنما زرقة الماء عندما ينعكس عليه وجه المحب.

 زرقة الشفاه عندما يغادر الخوف الجسد، يهجر الروح ليتجسد في صور الماضي التي تنسلخ عن الذاكرة لكنها تؤازر ثقل الأيام. الألم، إنه مثل يقظة طويلة حيث تنتهي العيون بأن لا ترى وحيث الحقيقة التي تعبر النظر تتحول إلى خيط من النار يجمد عروقنا. الألم يد تمتد في اللامحدود من الأيام دون أن تصادف أي شيء، أدنى غصين يردد صدى مرورها أو يستجيب لدعوتها. ا

لألم فم مسور مليء بالأصوات، بالصرخات، بالنحيب، بالضوضاء التي تصم الآذان، تتراكم مثل كومة من الأفاعي تحاول اختراق جدار الإسمنت. لا صوت، لا شيء غير الصمت يصرخ بالحياة التي لا تتنفس. هذا هو الألم في حالته الأولية، الجنينية مجرد صدح طفيف يكبر، يكبر، يكبر، ليستحيل إلى واد واسع حيث الجسد بكامله ليس سوى قطرة يشطفها السيل الموحل للحياة.

يتبع...