الشطر الثالث عشر من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

لايف ستايل - 14-03-2024

الشطر الثالث عشر من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

اقتصادكم

 

أصبح خالد يتحرك، يأكل، يتغوط، ينام، يتكلم، يتعارك، يلعب الكرة، يفعل أي شيء بشكل غريب لا أستطيع أبدا وصفه، وكأنه معلق إلى خيط غير مرئي تدحرجه الريح. أصبح شاردا ومنفصلا عن كل شيء، لدرجة أن كبار المحششين يحسدونه على هذا السفر الغريب الذي يبحثون عنه منذ سنوات دون جدوى. بينما يقسم هو بأن الحياة من وجهة نظره لا علاقة لها بما نفكر به. وبما أنني لم أتواجد أبدا على الضفة الأخرى كما كان يقول، فإنه يستحيل علي أن أعرف شبيها لهذا الإشراق.

مضت سنوات عديدة لم أر خالد، لكن قيل لي بأنه مازال عازبا، مازال شاردا أيضا ومبتهجا. اليوم وأنا أفكر به، أتذكر أنه لم يسبق أن رأيته متوترا ضد أي كان. يحدث ان يتحدث بحماسة شديدة لكن فقط عندما يكون بصدد استعراض أفكاره. لم أره أبدا يحشر أنفه فيما لا يعنيه، باستثناء نصائحه لي بتجنب الحماقات مع النساء. أبدا لم أعهده يتحدث بسوء عن أحد بشكل خاص، كانت حياته تصب في عالم من التجريد لدرجة أن تلك الأحكام كانت تتخذ منحى غير شخصي.

لم يكمل خالد دراسته بحيث انقطع عنها باكرا جدا، نادرا ما رأيت أحدا يكره المدارس والمدرسين. كما لم يعمل أبدا، العمل للأغبياء، كان يقول بضحكة حادة كصرير باب مسجد. غرق في بقايا سفره إلى عوالم الله السرية. وقد قرر مدركا وبكل قناعة، بأن لا يعود من حيث ذهب، بمعنى ما، كان ذلك أفضل له، ربما كان أكثر سعادة منا جميعا، نحن الذين نعتقد بأننا نعيش، بينما نحن متورطون في وجود يدحرجنا مثل بكرة بخارية.

علي وحسن ويونس وأنا، نحن الرباعي الشهير للحرية، فتيان قرروا اللعب مهما كانت نتائج اللعبة، أن لا يستسلموا لحظة للحياة. في الواقع كنا ضعفاء أمام قساوتها. ولكن كان بداخلنا شيء يجعلنا نتشبث، كما هو الحال في حلبة الصراع بين ملاكمين راهنوا على أن لا يخسروا، نتحمل الضرب في الخاصرة وعلى الفكين وعلى الجمجمة، أحيانا بالمطارق، لكننا نستمر واقفين، لا تسألوني كيف ولماذا؟ لا أعرف كيف وإلى يومنا هذا، فيما يخصني، خرجت منها بلا خسائر كثيرة على طول الطريق. لكن كان هناك جنون الجسد الذي كان يعني الكثير، كنت مقتنعا بأن الحب والمتعة لعبا دورا لصالحنا. بقدر ما أذكر، أرى نفسي في حالة حب، لم أتوقف أبدا عن الحب، ولا لحظة، ولا جزء من الثانية مر في حياتي بلا حب، وهذا أعتقد كان صالحا للثلاثة قراصنة الآخرين، الذين سمحوا لأنفسهم كل حسب معياره الخاص، بالانصهار في جماعة الحب السعيدة لديونيس. 

كان هناك النساء اللواتي يرغبن بنا لأننا كنا يافعين ونتمتع بالقوة بالحيوية والنشاط والجمال. كنا نمارس معهن الحب بلا مقابل، ابتسامة فقط تكفي، كن يعشقن ذلك، عندما طفل في السادسة عشر من العمر، يأتي أليهن غضا نظرا بقضيب لامع مثل مقبض مصقول، ووجه قرمزي ينضح بالرغبة ، مختوم على سمعه وبصره بفكرة واحدة، أن نحب ونمارس الحب حتى تنتزع أعضاؤنا، أو نهلك، حتى تفتح  أبواب الجنة و ترينا اسرار جمالها، أن نحب حتى نحس بألوهية النبوت الذي نحمله بين الفخذين، بعروق تبض وقلب ينتزع، أن نحب دونما تفكير في العواقب، في مرض الزهري، في البول الحارق، في السرطان، الطاعون، الجدري، القرحة، أن نحب ونقدم أنفسنا ضريبة لجنون النطفة، لتلك الفتحة الندية المنحدرة من سلالة الحيوان.

أن نحب كما لو كانت النساء كلهن حواء سقطن للتو من الجنة، مجنونات بلا روح، تستحوذ عليهن الشراسة بشكل هستيري، لتمزقهن حيوانات مسعورة، يلتهمون أحشاءهن. أن نحب ومع كل احتضان نبلغ النشوة، صاروخ ناري يغمر السماء والأرض، دفقة تقدر بالحياة تارة وتارة بالموت وتارة بالجنس المقمل الذي يلتهم بعضه بعضا بلا متعة. دفقة أخرى ولكن هذه المرة مثل سخان حامي يغسل الأجساد الآسنة بالماء الدافئ لأولئك الذين لم يعرفوا جمال الحياة. يا هلاᴉ شلالات نياجرا أيضا، لتكسر الحواجز وتدفن ممالك الملاعين المجنونة على هذه الأرض. عصارة أخرى ولا نعرف ما إذا كانت هذه المعركة رقصة بعلزبول الغاضب، على وشك أن يكشط كمنجاته على اللحم الندي، في الانحناءة القاسية لامرأة تعوي حين تمزيقها.