اقتصادكم
لطالما كانت الروائح والألوان محفزا قويا للذاكرة، تلك المنظومة العصبية المعقدة، التي تتحكم في سلوك المرء، فلبرهة من الزمن، تنقله ذكرى جميلة من حالة حزن إلى فرح، بشكل يثير الدهشة. للعلامات التجارية أيضا ذلك التأثير، إذ يكفي مطالعة إحداها، حتى تتهاوى أدراج العمر ويعود شريط الحياة بتفاصيله الحلوة والمرة إلى الوراء.
علامات مثل "جرما" و"لاسيكون" و"أولماس" و"ستيام"، طبعت حياة المغاربة، ورافقتهم خلال محطات حياتهم المختلفة، وشكلت موضوع كتاب جامع حول قيمة العلامة وتأثيرها في المجتمع، حمل اسم "براند يور موروكو"، ضمن سلسلة لغات الجنوب، إذ يستعرض جون نويل كابفيفير، الخبير الفرنسي في العلامات التجارية، أبعادا جدية للعلامات، لا تقف عند حدودها التجارية المعروفة، بل تتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك، باعتبارها صورة للدعاية والانفتاح الثقافيين على الخارج.
استطاع مختبر "كوبر" على مدى سنوات، أن يصنع علامة تجارية قوية في سوق الدواء المغربي، إذ تقطع سيارات الشركة التي تحمل العلامة، آلاف الكيلومترات بين مختلف جهات المملكة، لغاية ضمان تزود السوق من الأدوية، وتشكل جزءا مهما من تاريخ الصحة بالمغرب منذ أزيد من 80 سنة، ذلك أن تاريخ تأسيس شركة "كوبر" المغرب، فرع مجموعة "كوبر ميلين" الفرنسية، يعود إلى 1933.
اقتصرت مهمة شركة "كوبر" المغرب، خلال الفترة بين 1933 و1950، على توزيع أدوية مستوردة من مختبرات دولية، على حوالي 500 صيدلية مغربية، قبل أن يعرف نشاط الشركة في السوق تحولا مفصليا في 1980، تاريخ إحداث أول مصنع للأدوية بمنطقة تيط مليل، ضواحي البيضاء، الأمر الذي سمح للمختبر بغزو السوق بواسطة أدويته الخاصة، وفرض عليه توسيع شبكته التجارية من 20 وكيلا تجاريا إلى 250، كما تعززت القدرات الإنتاجية أيضا، بإحداث وحدة تصنيع جديدة في بوسكورة في 2007، وكذا وحدة للبحث والتطوير بتيط مليل في 2012.
اتخذت الشركة شعار "صحتك قبل كل شيء"، من أجل تسهيل ولوج المرضى إلى الدواء، وذلك بالتركيز على خصائص الجودة والسعر، والتأكيد في حملاتها الإشهارية على أن العلاج يمر عبر تخفيض كلفة الدواء، إذ كثفت الشركة إنتاجها في هذا الباب، بموجب التراخيص الممنوحة إليها من قبل 20 مختبرا دوليا، إلى جانب منتوجاتها الخاصة، لتحتل موقع الريادة في تصنيع الدواء بالسوق المحلي، الأمر الذي يؤكده عدد شهادات الجودة التي حصلت عليها الشركة، فيما تنوعت مجالات انخراطها المجتمعي، بدعم الصحة والبيئة والتعليم، في إطار المسؤولية الاجتماعية.