اقتصادكم-حورية خير الله
ينطلق الأمر عادة بتمارين بقاعاتٍ رياضَة لكمال الأجسام، شباب يتمرنون جاهدين للحصول على جسم قوي مفتولِ العضلات، لتتبادر بعدها أسئلة لدى أذهان جلِّ المبتدئين، أي نوع من المكملات الغذائية يستعملها هذا البطل؟ كيف أصل لهذا الجسم المنحوت؟
يستهل المبتدئ مسارَ هدفه الرياضي بالقاعدة الثلاثية الشهيرة غذاء صحي غني بالبروتينات، تمارين رياضية منتظمة باستمرار ونوم كافٍ، غير أن جعبة صبره غالبا ما تنفذ لكون هذه الخطة تستغرق مدة طويلة، وتعطي نتائج لا بأس بها كما هو متداول بين الشباب.
تظهر بين الفينة والأخرى علبٌ أنيقة يحملها ممارسو رياضة كمال الاجسام، ويسوقها بعض المشهورين بمواقع التواصل الاجتماعي، كما يروَّج لها بالقاعات الرياضية، وعلى الأنترنيت بإعلانات مبتكرة ومغرية.
رياضة الأغنياء
جسم جذاب بعضلات بارزة يمكن عدُّها، إنه هدفُ معظم عشاق رياضة كمال الأجسام، التي وصفها محمد، البالغ من العمر 22 سنة بـ’’رياضة الأغنياء"، وقال في تصريح لـ "اقتصادكم"، إنني أمارسها منذ 4 سنوات، كنت أدرس نهارا وأشتغل ليلا لأوفر الأكل الذي يلزمني ولأقتني المكملات الغذائية، وأحيانا لا تكفيني الأجرة التي أتقاضاها من عملي كحارس أمن ليلي وأطلب من والديَّ بعض المال."
وأضاف محمد الذي يتوفر على جسم منحوت ويطمح في الحصول على نتائج أفضل، "تكلفني البروتينات بين 1500 و2000 درهم، بالإضافة إلى النمط الغذائي الخاص الذي أتبعه قد يصل المبلغ إلى 3000 درهم شهريا."
وتتنوع المكملات التي يستعملها محمد بين ’’الواي بروتين’’ المستخلص من مصل اللبن أو الحليب والكرياتين الذي يتواجد في اللحوم الحمراء، وكذلك الأحماض الأمينية.
لكلِّ مقاسٍ قيَاس
يقول محمد إن "هذه المكملات ينصح بها أبطال رياضة كمال الأجسام، وأنا أحرص أن آخذ المنتجات التي تنتجها الشركات المعروفة في الميدان وهي معدودة على رؤوس الأصابع".
ويؤكد أنها مرخصة من وزارة الصحة، وأغلبية هذه المنتجات تنتج من طرف شركات أمريكية ويابانية، وفي نوادي رياضة كمال الاجسام يقوم بإرشادنا المدربون بحيث يشرحون لنا ماهو المكمل الغذائي الذي يمكن أن نستعمله.
من جهة ثانية، يضيف المتحدث ’’ هناك مكملات لتضخيم العضلات ومكملات لنحت الجسم، وذلك لا يستعمل عشوائيا حيث يتم أخذ كل مكمل حسب حاجة التمرين الممارس والمستوى الذي وصلت إليه’’.
ويسترسل محمد، ’’ يتم اتباع أخذ كميات البروتين أيضا وفق النظام الغذائي الخاص بك، مثلا عليك أن تقوم بحساب كم تأخذ من البروتينات أو الكربوهيدرات في وجباتك الغذائية وأن تكمل العناصر التي تنقصك منها بهذه المكملات’’.
"مثلا يلزمني من الكراتين 10 غرامات كل يوم، غير أن هذه المادة تتواجد بشكل قليل في الغذاء فكل 1 كلغ من اللحم بعطي تقريبا 5 غرامات، لذلك آخذها عن طريق مكمل غذائي" يورد المتكلم ذاته.
هجرةٌ صوبَ الأرباح
في سياق ذي صلة يقول يونس البالغ من العمر 27 سنة، وهو يمارس رياضة كمال الأجسام منذ أزيد من 7 سنوات، إنه يحرص أن يقتني هذه المواد من أماكن مرخص لها قانونيا ببيع هذه المكملات من أجل تفادي أخذ المقلدة منها والتي من شأنها أن تؤدي صحته لاحتوائها على مواد كيماوية أو لجودتها الرديئة، وفقا لتعبيره.
وسجل يونس في حديثه لــ"اقتصادكم"، أنه لاحظ تحول قاعات رياضية لكمال الأجسام يلج إليها إلى محلات أو متاجر لبيع المكملات واللوازم الأخرى لكونها تدرّ أرباحا تتجاوز رسومات الاشتراك الشهرية بكثير.
ليضيف "لقد تم افتتاح متجرين جديدين لبيع هذه المكملات في حيّنا بيعقوب المنصور وأنا أشتغل بإحدى هاته المتاجر ونبيع قرابة 40 علبة يوميا ونلحظ أن الإقبال في تزايد مستمر ولا يقتصر على طبقة اجتماعية معينة بل يختلف الزبناء بين ميسورين وفقراء ومتوسطي الدخل."
ترويج مبتكر
وأمام التسويق والترويج المبتكر الذي يربط الوصول إلى أهداف كمال الأجسام بإلزامية أخذ هذه المكملات الغذائية وأنه لا يمكن أن يتحقق ذلك بدونها، مع العلم أن بعض المواقع التي أصبحت تروج لإنشاء مشاريع لبيع المكملات الغذائية، لكونها تلقى إقبالا كبيرا من قبل الشباب والمراهقين الذين انجرفوا مع هذه الموضة.
"اقتصادكم" اتصلت بأحد المواقع المتخصصة في تسويق وبيع هذه المواد لاقتناء بعض المكملات، وأجاب البائع هل تريدين زيادة الوزن أم نحت الجسم وسأل عن الوزن والطول.
وأمدنا البائع بنوعين من المكملات يزعم أنها مناسبة، الأول فيه 4 كيلوغرامات ونصف، يبلغ ثمنه 600 درهم، والثاني 10 كلغ ثمنه 1200 درهم واسترسل في الإقناع بذكره فوائد المكمل وأنه مستورد من الولايات المتحدة الأمريكية ومرخص بيعه من طرف وزارة الصحة.
مكونات مخفية
وعلى العكس مما يتم ترويجه أن المكملات الغذائية الرياضية غير مضرة ولا تؤثر على الصحة إلا أنها لا تخلو من أخطار، فقد حذرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من خطورة "المكونات المخفية" في المنتجات الغذائية التي يتم الترويج لها لكمال الأجسام، وتشير إلى أنه غالباً ما يتم غش مُكمّلات كمال الأجسام باستخدام الستيرويدات الابتنائية التي تعد أنواعاً معدلة من هرمونات الذكورة المصممة لزيادة كتلة العضلات.
وتكمن خطورة استخدام هذه الأنواع من المكملات الغذائية إلى أنها تزيد نسبة الإصابة بتلف الكبد وزيادة شحميات الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية عند لاعبي كمال الأجسام.
وبالإضافة إلى إصابة الكبد، فقد ارتبطت الستيرويدات الابتنائية بردود فعل خطيرة مثل حب الشباب الشديد، وتساقط الشعر، وتغير المزاج، والتهيج، وزيادة العدوانية، والاكتئاب.
وقد ارتبطت أيضًا بردود فعل مهددة للحياة مثل تلف الكلى، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، وتجلط الدم في الرئتين، وتجلط الأوردة العميقة مثل الجلطات الدموية التي تحدث في الأوردة العميقة في الجسم.
سوق عالمية للمكملات الغذائية
وتتنافس العديد من الشركات في العالم على إنتاج المكملات الغذائية، وتقدر حجم سوق المكملات الغذائية العالمي بمبلغ 140.3 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ومن المتوقع أن يتوسع بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 8.6٪ من عام 2021 إلى 2028 بحسب موقع grand view للدراسات.
وتتبوأ الأحماض الأمينية والبروتينات المركز الثالث كأكثر المكملات استعمالا بالعالم، ويتوقع أن يتزايد الطلب عليها بشكل أكبر وتحديدا البروتين والكرياتين والبرولين وفقا للمصدر عينه.