اقتصادكم
كشف يونس بنجلون، المدير العام لبنك CFG، أن المؤسسة حققت خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية جعلتها تنتقل من بنك متخصص في الخدمات المالية إلى بنك شامل يحقق نموا سنويًا من رقمين، مؤكدا أن هذه الدينامية تعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد وقدرة واضحة على توسيع الحضور داخل السوق وتنويع الأنشطة في إطار احترام المعايير الاحترازية واستدامة الموارد الذاتية.
وأوضح المدير العام للبنك، الخميس، خلال مشاركته في ندوة حملت عنوان "بنك CFG: الاستراتيجية وآفاق التطوير"، على هامش معرض الادخار المنظم من قبل جريدة Finance News Hebdo، أن بنك CFG حدد لنفسه هدفا يتمثل في مضاعفة أرباحه بحلول 2028-2029، لتنتقل من 262 مليون درهم سنة 2024 إلى حوالي 500 مليون درهم، مشيرًا إلى أن بلوغ هذا الهدف لن يحتاج إلى أي زيادة في رأس المال، بل سيتم عبر اعتماد سياسة احتفاظ مدروسة بالأرباح لتعزيز الأموال الذاتية وضمان قدرة المؤسسة على تمويل توسعها الطبيعي دون اللجوء إلى المساهمين.
وشدد بنجلون على أن توزيع الأرباح يظل خاضعًا لموافقة بنك المغرب، الأمر الذي يعكس التزام البنك الصارم بالمعايير التنظيمية والاحترازية، مشيرا إلى أن الأموال الذاتية للمؤسسة بلغت حوالي 1.8 مليار درهم، ومن المرتقب أن ترتفع إلى ما يقارب 3 مليارات درهم خلال أربع أو خمس سنوات، وهو ما يعزز صلابة القاعدة المالية للبنك ويضمن استمرارية النموذج الاقتصادي المعتمد.
وأضاف المدير العام أن تاريخ بنك CFG يتميّز بخصوصية لافتة، إذ انطلق المشروع سنة 1992 على يد مؤسِسين عادا من الأسواق المالية الأوروبية في سياق خروج المغرب من برنامج التقويم الهيكلي، ذاكرا أن "فكرة إنشاء بنك أعمال في ذلك الوقت كانت خطوة غير مألوفة في سوق لم يكن يتوفر على إطار قانوني ينظم هذا النوع من الأنشطة، لكن الرغبة في نقل الخبرة الدولية إلى السوق المغربية شكلت قوة الدفع الأساسية للمشروع".
ولفت بنجلون إلى أن البنك بدأ عمله برأسمال ضئيل لا يتجاوز بضع عشرات الآلاف من الدراهم، موضحًا أن المؤسسين سعوا إلى استلهام نموذج بنوك الأعمال الأنجلوسكسونية لكن بحجم مصغر يتناسب مع واقع السوق المحلية آنذاك، مع التركيز على المهن الأساسية مثل الوساطة المالية وتدبير الأصول والاستشارات الخاصة بالتمويل وإدماج الشركات في السوق المالية.
وتابع أن التحاقه بالمؤسسين بعد ستة أشهر من التأسيس شكل انطلاقة فعلية للنشاط، حيث بدأت الشركة عملياتها الأولى في شتنبر 1992 قبل أن ينضم هو إليها في أبريل 1993، مضيفا أن الفريق كان يعمل على صفقات الاندماج والاستحواذ في وقت لم يكن فيه هذا المفهوم مألوفًا لدى الفاعلين الاقتصاديين، مما جعل الجمهور ينظر إلى هذه الأنشطة باعتبارها غريبة عن السياق المغربي.
وأشار المتحدث عينه إلى أن المغرب لم يخرج رسميًا من برنامج التقويم الاقتصادي إلا في أواخر 1993، وأن القانون الذي يؤطر السوق المالية اليوم لم يصدر إلا في شتنبر من السنة ذاتها، مفيدًا بأن مؤسسي البنك ساهموا في إعداد النصوص القانونية الأولى التي وضعت الإطار المنظم لعمل السوق، وهو ما مكن المؤسسة من توجيه أنشطتها مبكرًا نحو الفرص المستقبلية.
وأوضح أن البنك ركّز منذ بداياته على العملاء الأجانب، إذ كان الحصول على المعلومة المالية شبه مستحيل خلال تلك الفترة، فبدأ البنك بإصدار أبحاث مالية باللغة الإنجليزية، مما جعله في مقدمة المؤسسات التي يقدم إليها المستثمرون الدوليون للحصول على بيانات دقيقة حول الشركات المغربية، خاصة مع الاهتمام العالمي المتزايد آنذاك بـ”الأسواق الناشئة”.
وزاد موضحًا أن هذه الإستراتيجية جعلت المستثمرين الأنجلوسكسونيين يبدأون شراء الأسهم المغربية منذ سنة 1993، أي قبل تفعيل الإطار القانوني للسوق المالية، وهو ما يعكس الثقة التي اكتسبها البنك استنادًا إلى جودة المعلومة التي وفّرها مقارنة بغياب الشفافية في تلك الفترة.
وتطرق المدير العام إلى المرحلة اللاحقة التي شهدت انطلاق نشاط تدبير الأصول بعد صدور القانون، قبل أن يشارك البنك في أولى عمليات الخوصصة الكبرى في المغرب، مثل إدراج General Tire سنة 1994 ثم سوناسيد سنة 1996، وهي عمليات ساهمت في ترسيخ دور البنك كفاعل رئيسي في تطوير السوق المالية ومرافقة التحولات الهيكلية للاقتصاد.
وذكر أيضًا أن البنك اضطر إلى طلب صفة “مؤسسة بنكية” سنة 1998 بعد تطور سوق سندات الخزينة، إذ اشترطت القوانين الجديدة أن تكون الجهات المتدخلة في السوق الأولية بنوكًا، مما أدى إلى إحداث فرع متخصص مكّن المؤسسة من دخول هذا القطاع الحيوي والمساهمة في هيكلته.
وختم بنجلون بالتأكيد بأن إطلاق نموذج “البنك الشامل” سنة 2015 شكل نقطة تحوّل أساسية في مسار CFG، حيث تطورت المؤسسة لتصبح بنكا عصريًا بكل المقاييس، معتمدا على إرث طويل من الخبرة في الوساطة المالية وتدبير الأصول، مما مكنها من بناء نموذج نمو مستدام قوامه الابتكار والجودة والارتكاز على موارد ذاتية قوية.