القروض البنكي: بين الحاجة إلى التوسع وهاجس استدامة المديونية الخاصة

مال واعمال - 24-10-2025

القروض البنكي: بين الحاجة إلى التوسع وهاجس استدامة المديونية الخاصة

اقتصادكم

 

يشهد حجم الائتمان البنكي في المغرب ارتفاعاً متواصلاً منذ يناير 2025، ما يعكس تحسناً في تمويل الاقتصاد الحقيقي. غير أن هذا الانتعاش يطرح تحدياً أساسياً يتمثل في إيجاد توازن دقيق بين توسع الائتمان واستدامة الدين الخاص. فالتقليص المفرط للائتمان يحدّ من النمو، بينما يؤدي التوسع المفرط إلى التضخم وارتفاع المخاطر المالية.

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد كشيكش أن سنة 2025 سجلت تحسناً معتدلاً في وتيرة نمو القروض الموجهة للقطاع الخاص، بعد سنتين من التباطؤ الملحوظ.

ففي يوليوز 2025، ارتفع الرصيد الإجمالي للقروض البنكية الحقيقية (المصححة من أثر التضخم) بنسبة 4,41% مقارنة مع الفترة نفسها من 2024، أي زيادة اسمية تقارب 4,9%.

وأضاف كشيكش، في حوار مع صحيفة Finances News Hebdo، أن هذه الزيادة، التي بدأت ملامحها تظهر منذ مارس 2025، تمثل كسرًا لحالة الركود السابقة، لكنها لا تزال هشة وغير كافية لتأكيد وجود دورة تمويلية مستدامة.

ويضيف أن سنتي 2022 و2023 شهدتا نمواً سلبياً في القروض الحقيقية، ما يعكس انكماشاً فعلياً بعد احتساب التضخم، بينما ظلت وتيرة سنة 2024 ضعيفة، تتراوح بين انخفاض بـ1,86% في يناير وارتفاع بـ1,77% في نونبر. ولم يتجاوز معدل النمو الحقيقي للقروض عتبة 3% إلا مع حلول ربيع 2025.

تراجع في تمويل الشركات مقابل تحسن لدى الأسر

سجّلت القروض الموجهة إلى الشركات غير المالية الخاصة انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0,11%، في حين ارتفعت القروض الممنوحة للأسر بنسبة 3,75%.

وفي نهاية سنة 2023، لم تتعد الزيادة الاسمية في إجمالي القروض 1,01%، أي ما يعادل تراجعاً فعلياً بنحو 3,19% بالنسبة للمقاولات الخاصة، مقابل زيادة طفيفة بـ1,27% لدى الأسر.

ويؤكد الخبير أن هذه الأرقام تُظهر أن القطاع البنكي لا يوجّه سوى حصة متناقصة من موارده نحو تمويل الفاعلين الخواص، إذ تراجعت حصة القروض الممنوحة للقطاع الخاص من 77,4% سنة 2022 إلى 72,8% في نهاية 2024.

كما انخفض معدل القروض إلى الناتج الداخلي الخام من 79,4% إلى 72,9% خلال الفترة نفسها، وهو أدنى مستوى يُسجل منذ 2018.

نحو توازن جديد في السياسة الائتمانية

ويعتبر كشيكش أن الانتعاش الحالي في القروض البنكية ما يزال هشاً ومحدود الأثر، إذ لا يعكس بعدُ دينامية تمويلية قادرة على تحفيز النمو الاقتصادي بشكل مستدام.

ويخلص إلى أن الرهان اليوم يتمثل في تحقيق توازن بين التوسع الائتماني والحفاظ على استقرار المديونية الخاصة، مشيراً إلى أن أي اختلال في هذا التوازن قد يفضي إما إلى ركود اقتصادي في حال تشديد الائتمان، أو إلى سخونة مالية في حال الإفراط في الإقراض.