اقتصادكم - أسامة الداودي
منذ سنة 2019، تتولى ليلى الدكالي رئاسة جمعية النساء المقاولات بالمغرب، مستندة إلى تجربة تفوق عقدين في عالم الأعمال وإدارة المشاريع.
وفي حوار مع موقع "اقتصادكم"، سلّطت ليلى الدكالي، رئيسة جمعية النساء المقاولات بالمغرب الضوء على أبرز التحديات التي تواجه رائدات الأعمال، من صعوبات التمويل والتعقيدات الإدارية إلى ضعف الحماية القانونية.
ما أبرز العوامل التي تحدّ من تطور ريادة الأعمال في المغرب؟
من واقع تجربتنا مع آلاف الرائدات في AFEM، نواجه ثلاثة عوائق رئيسية: التمويل، إذ أن 75% من طلبات النساء تُرفض بسبب شروط ضمانات تصل إلى 150-200% من قيمة القرض، ثم التعقيدات البيروقراطية التي تتطلب ما بين 3 و6 أشهر للحصول على التراخيص، وأخيراً البيئة القانونية التي لا تحمي بما يكفي حقوق المقاولات الصغيرة.
ولمواجهة هذا، أطلقنا برنامجين رائدين: “She Start” لمرافقة الرائدات الشابات في مراحل التأسيس عبر تكوينات مكثفة وتسهيل الوصول إلى التمويل، و“She Industriel” وهو برنامج وطني بشراكة مع الوزارة لدعم المقاولات النسائية في القطاع الصناعي.
كما نطالب بإنشاء صندوق ضمان مخصص للنساء بنسبة تغطية تصل إلى 80-90%، وإطلاق منصة رقمية موحدة لجميع الإجراءات الإدارية.
ونود العمل مع بنك المغرب لإلزام البنوك بتخصيص 15-20% من محفظة القروض الصغرى للمشاريع النسائية، فهدفنا واضح ويتمثل في خلق 50,000 مقاولة نسائية جديدة بحلول عام 2030.
كيف يمكن إصلاح المنظومة المالية لتصبح أكثر شمولاً؟
الحقيقة المرّة هي أن امرأة واحدة فقط من كل أربع نساء تحصل على تمويل بنكي، مقابل رجل من كل اثنين، وهو تمييز مالي يُكلف الاقتصاد المغربي حوالي 8 مليارات درهم سنوياً.
فالمشكلة ليست في جدوى المشاريع التي تقودها النساء، بل تؤكد الدراسات العالمية أن النساء أكثر التزاماً بتسديد القروض بنسبة 95% مقابل 85% فقط للرجال.
وفي AFEM، نعمل على حلول عملية لتقليص هذا التفاوت، من خلال برنامج “Women Banking” الذي يُنفذ بشراكة مع خمس بنوك كبرى لإنشاء وحدات متخصصة بمعايير تقييم جديدة تعتمد على الكفاءة لا على الضمانات.
كما أطلقنا صندوقا استثمارياً بميزانية تبلغ 500 مليون درهم لتمويل المشاريع في مراحلها المبكرة، إلى جانب شبكة المستثمرين الملائكيين النسائية التي تربط 100 مستثمرة بـ1000 رائدة أعمال، فالمساواة المالية ليست مطلبا نسوياً، بل ضرورة اقتصادية لضمان تنمية شاملة ومستدامة.
ما دور الثقافة الاجتماعية في الحد من انخراط النساء في المقاولة؟
صراحة، الثقافة الاجتماعية تبقى حاجزاً غير مرئي لكنه الأقوى. 42% من أعضاء AFEM يواجهن معارضة أزواجهن في البداية، و65% يشعرن بالذنب تجاه أطفالهن.
كما نواجه أيضاً ثقافة “العيب”، عيب تفاوضي مع الرجال، عيب تسافري، عيب أن تنجحي أكثر من زوجك.
لكن التحول بدأ فعلاً، فالجيل الجديد في المدن أكثر انفتاحاً، ومدونة الأسرة الجديدة تعطي المرأة استقلالية أكبر.
استراتيجيتنا المستقبلية في AFEM متعددة المستويات: برنامج “الزوج الشريك”، إلى جانب ورشات لـ500 زوج سنوياً حول دعم الزوجة الرائدة والفوائد الأسرية للنجاح المشترك.
”AFEM في المدارس”، حيث نلتقي سنوياً بـ10,000 تلميذة لكسر الصور النمطية مبكراً، إلى جانب حملات إعلامية بشراكة مع 2M وMedi1 لتسليط الضوء على نماذج ملهمة من “She Start” و”She Industriel” – رائدات نجحن رغم الظروف.
“شبكة التوجيه AFEM” - 1000 سيدة أعمال ناجحة ترافق 5000 رائدة شابة، إضافة إلى منصة “AFEM Voices” الرقمية لخلق مجتمع افتراضي داعم.
التغيير بطيء لكنه حتمي، ودورنا تسريعه بالنماذج الحية لا بالخطابات.
كيف يمكن للرائدات الاستفادة من الرقمنة لكسر القيود التقليدية؟
الرقمنة ليست رفاهية، بل ضرورة لبقاء واستدامة المشاريع النسائية.
المشكلة أن 40% من عضواتنا لا يمتلكن المهارات الرقمية الأساسية، و65% من مشاريعنا ليس لها حضور رقمي فعّال.
لكن الرقمنة تفتح فرصاً غير مسبوقة: العمل من المنزل يحل معضلة التوازن الأسري، التجارة الإلكترونية توصل منتجاتنا للعالم دون تكاليف باهظة، والذكاء الاصطناعي يمكننا من المنافسة مع الكبار.
حلولنا الرقمية في AFEM: أطلقنا “She Digital” - تكوينات مجانية لـ2000 رائدة سنوياً.
”She Start” حاضنة رقمية تدعم 60 مشروعاً مع مرافقة تقنية “She Industriel 4.0”، ترافقها رقمنة سلاسل الإنتاج للمقاولات الصناعية النسائية.
الرقمنة ليست المستقبل فقط، بل الحاضر الذي يجب أن نعيشه الآن.
كيف ترون دور المرأة المغربية في الاقتصاد الوطني، وما الرسالة التي توجهونها لصناع القرار؟
المرأة المغربية ليست ضحية، بل قوة اقتصادية لم تُستغل بعد.
في AFEM، أثبتنا أن مع الدعم المناسب، رائداتنا يحققن نمواً سنوياً 35% مقابل 18% للمعدل الوطني.
"She Start" و"SheIndustriel" نماذج ناجحة يجب تكرارها وتوسيعها.
نطالب بإرادة سياسية حقيقية، ميزانيات ملموسة، وشراكات فعلية، فالمغرب يملك ثروة بشرية نسائية هائلة وحان وقت تحريرها.