محاربة السكن العشوائي.. برامج ومليارات الدراهم لم تُنقذ المدن من الصفيح

ملفات خاصة - 23-09-2025

محاربة السكن العشوائي.. برامج ومليارات الدراهم لم تُنقذ المدن من الصفيح

اقتصادكم

 

رغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها الحكومات المتعاقبة في المغرب، لا يزال السكن غير اللائق من أبرز التحديات العمرانية والاجتماعية حيث لم تنجح البرامج والمبادرات المتعددة في القضاء بشكل نهائي على هذا الظاهرة، التي تفرز مشاكل متعددة، من أبرزها الفوضى العمرانية والإحساس بانعدام الأمن في بعض الأحياء.

ويعزى استمرار السكن العشوائي إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الهجرة القروية المكثفة، ضعف القدرة الشرائية، والفقر الذي يطال شريحة واسعة من المواطنين. كما أن ارتفاع تكلفة بناء السكن يشكل حاجزًا حقيقيًا أمام آلاف الأسر في طريق الحصول على مسكن لائق.

أرقام رسمية وملاحظات ميدانية

في هذا السياق، قالت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، خلال مداخلة لها بمجلس النواب، إن عدد الأسر المستفيدة من برامج محاربة السكن غير اللائق سنة 2025 بلغ 16.300 أسرة، مشيرة إلى أن هذه البرامج ساهمت في تقليص ظاهرة دور الصفيح بـ 35%.

لكن، وعلى الرغم من هذه الأرقام، يرى عدد من المتابعين أن النتائج المحققة تبقى محدودة مقارنة مع الميزانيات المرصودة، والتي قدّرت في أحد البرامج بـ 40 مليار درهم.

دعم الجهات وتكييف المقاربة

ويرى الخبير في العقار محمد العلوي، في تصريح لجريدة "فينونس نيوز" أن المقاربة الحالية لا تُعالج جذور المشكل، مضيفًا أن المجهودات المالية يجب أن تُوجَّه أيضًا لمعالجة الأسباب العميقة للسكن غير اللائق، مثل توفير فرص الشغل، أو تحسين البنية التحتية بالعالم القروي.

ويعتبر العلوي أن المقاربة المركزية التي يتم اعتمادها في تصميم برامج السكن "غير مجدية"، مطالبًا بضرورة إشراك الجهات والسلطات المحلية، لأن لكل مدينة أو منطقة خصوصياتها، وشيرا إلى أنه "لا يمكن اعتماد نفس النموذج في الدار البيضاء وفي مراكش مثلاً".

التلاعبات تعقد الوضع

من بين العراقيل التي تُبطئ تنفيذ برنامج "مدن بدون صفيح"، تبرز ظاهرة تضخيم عدد الأسر المستفيدة، والتي تعود، بحسب العلوي، إلى "تواطؤ بعض أعوان السلطة ومنتخبين محليين يسعون إلى توسيع قواعدهم الانتخابية أو الربح المادي".

بدورها، أقرت الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري بهذا المشكل، مشيرة إلى أن "هذه الممارسات تُساهم في تأخير تنفيذ البرنامج وتكلف الدولة أموالاً طائلة". وشددت على ضرورة تكثيف المراقبة لتفادي استفادة غير المستحقين.

تعزيز السكن القروي للحد من الهجرة

ومن ضمن الحلول المقترحة، تبرز فكرة تعزيز السكن القروي، في إطار استراتيجية تهدف إلى الحد من الضغط على المدن الكبرى والتقليص من الهجرة القروية.

وتعمل الوزارة، بتنسيق مع وزارة الداخلية، على تسهيل مساطر البناء في العالم القروي، حيث يتم منح تراخيص البناء بشروط أكثر مرونة، وتمكين الجماعات والوكالات الحضرية من أدوات عملية لتشجيع السكن القروي.

كما تُطالب عدد من الأصوات بضرورة اعتماد وثائق تعمير حديثة وفعالة على مستوى المدن الكبرى، لمواجهة تحديات التوسع العمراني العشوائي، في ظل ندرة العقار المخصص للسكن الاقتصادي والاجتماعي.