6 ملايين.. هكذا أصبح المغاربة من أكثر مستخدمي العملات المشفرة رغم الحظر

ملفات خاصة - 15-02-2025

6 ملايين.. هكذا أصبح المغاربة من أكثر مستخدمي العملات المشفرة رغم الحظر

اقتصادكم-إيمان البدري

 

شهدت سوق العملات المشفرة نموا كبيرا على المستوى الوطني، إذ بلغ عدد مستخدميها بالمغرب، أزيد من 6 ملايين شخص خلال السنة الماضية، بزيادة قدرها 60% مقارنة بسنة 2019، بعدما كان العدد في حدود 3.6 مليون شخص، وتعكس هذه الزيادة تحولا ملحوظا في كيفية تعامل المغاربة مع العملات الرقمية، رغم الحظر المفروض عليها من قبل الحكومة.

وأوضحت دراسة  أنجزها موقع “هيلوسايف” المتخصصة في الخدمات المالية، أن المغرب أصبح ضمن المراكز الأولى لأكثر الدول الأفريقية تبنيا لاستخدام "الكريبتو"، بعدما انظم حوالي 2.5 مليون مغربي إلى سوق العملات المشفرة خلال الخمس السنوات الماضية، على الرغم من تحذيرات سابقة لمكتب الصرف الذي يعتبر أن المعاملات بهذه النقود الافتراضية يشكل مخالفة قانونية ويعرض مرتكبيها لعقوبات وغرامات .

في المقابل، أفاد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، بأنه منذ 3 سنوات، يتم العمل على إعداد مشاريع قوانين لتنظيم العملة الرقمية للبنك المركزي والأصول المشفرة "العملات المشفرة"، بدعم تقني من البنك الدولي والنقد الدولي.

من جهته، يرى أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات في تصريح لـ "اقتصادكم"، أن العوامل التي ساهمت في زيادة عدد مستخدمي العملات المشفرة إلى 6 ملايين مغربي وفقا لتقرير تشيناليسيس لعام 2023، رغم الحظر، يعود للاستثمار والتنويع المالي، إذ اتجه عدد من  الشباب والمستثمرين إلى العملات المشفرة، بحكم مكاسبها المرتفعة جدا، كبديل للاستثمارات التقليدية ذات العوائد المحدودة، خاصة في ظل محدودية الفرص الوطنية.

وأضاف أيضا أن سهولة الوصول عبر المنصات غير الرسمية "منصات التداول"، ساهم في ارتفاع عدد مستخدمي العملات الرقمية، حيث اعتمد المغاربة على منصات التداول بين الأفراد (P2P) واستخدام شبكات الـVPN للوصول إلى منصات عالمية مثل "بينانس" و"كوين بيز"، حيث تظهر البيانات أن منصة binance هي الأكثر استخداما في هذا الإطار.

ومن جهة أخر، أشارالمتحدث ذاته، إلى أن التوجه العالمي نحو الرقمنة، ساهم في التأثر بالاتجاهات العالمية في تبني التكنولوجيا المالية، خاصة في إفريقيا التي شهدت زيادة بنسبة 68% في عدد المستخدمين، بين عامي 2022 و2023. 

 تنظيم بنك المغرب للعملات المشفرة والمخاطر المستهدفة

أفاد أمين سامي، لـ"اقتصادكم" بأن مشروع القانون الجديد، الذي أعلنه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، يهدف إلى تنظيم السوق، من خلال إدخال العملات المشفرة تحت مظلة قانونية، مع تحديد شروط واضحة للاستخدام والتداول، فضلا عن منع الأنشطة غير المشروعة، عبر فرض رقابة صارمة على التحويلات وتتبع الهويات، حماية المستثمرين، من خلال وضع ضمانات لحماية المستخدمين من المخاطر الأمنية والاحتيال.

 تأثير زيادة استخدام العملات المشفرة على الاقتصاد المغربي

ويعتقد سامي، أن زيادة استخدام العملات المشفرة وتقنينها يشكل فرصة اقتصادية مهمة لتطوير الاقتصاد الوطني، إذ يمكن أن تؤدي هذه الزيادة إلى المساهمة في تعزيز الابتكار المالي، مبرزا أن تنظيم العملات المشفرة بشكل متوازن، قد يساهم في أن يصبح المغرب مركزًا للتكنولوجيا المالية في إفريقيا، كما سيساعد في جذب الاستثمارات، فمن خلال تنظيم السوق، سيشجع المغرب جميع الشركات العالمية على الاستثمار في قطاع "بلوكتشين" على المستوى الوطني، فضلا عن المساهمة في زيادة الإيرادات الضريبية، من خلال فرض ضرائب على الأنشطة المرتبطة بالعملات المشفرة وتحقيق العدالة الضريبية. 

 وأضاف المتحدث ذاته، أن هذا الارتفاع سيساهم في تقوية الشركات الناشئة المغربية على الدخول إلى غمار الاستثمار والتكنولوجيا المالية، من خلال تطوير منتجات وخدمات في هذا المجال، وتعزيز حضور الشركات الناشئة المغربية في الأسواق الإفريقية. 

لكن في المقابل، يرى سامي، أن هناك تحديات محتملة، يجب العمل على مواجهتها بكل جدية من خلال: "تقلبات السوق، فالطبيعة المتقلبة لأسعارالعملات المشفرة قد تؤدي إلى خسائر مالية للمستثمرين إلى جانب تهديد الاستقرار المالي، فالاستخدام الواسع للعملات المشفرة قد يؤثر على استقرار النظام المالي إذا لم يتم تنظيمه بشكل مناسب، فضلا عن أنشطة غير قانونية، قد تُستخدم في العملات الرقمية في تمويل أنشطة غير مشروعة".

وأشار إلى أن بنك المغرب يسعى من خلال مشروع القانون المرتقب إلى تحقيق توازن بين الاستفادة من الفرص التي تقدمها العملات المشفرة وبين الحد من المخاطر المحتملة المرتبطة بها. وهذا يظهر أن المغرب يسير نحو نموذج تنظيمي جديد ومبتكر يهدف إلى استيعاب العملات المشفرة كجزء من النظام المالي الحديث، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني. لذلك فإن نجاح هذا النموذج يعتمد على مدى مرونة التشريعات وقدرتها على مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة.