ارتفاع أسعار العقار في المدن الكبرى.. معادلة الأرض والربحية

الاقتصاد الوطني - 29-10-2025

ارتفاع أسعار العقار في المدن الكبرى.. معادلة الأرض والربحية

اقتصادكم - نهاد بجاج


يشهد سوق العقار في المدن الكبرى بالمغرب، خلال الأشهر الأخيرة، نقاشا واسعا حول الارتفاع المسجل في الأسعار، خاصة في ظل تراجع المبيعات واستمرار الطلب القوي على السكن، خصوصا الموجه للطبقة المتوسطة.

في هذا السياق، أوضح أمين المرنيسي، الخبير في العقار، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن الحديث عن ارتفاع كبير في الأسعار غير دقيق تماما، فالأمر يتعلق بارتفاع محدود جدا، حسب المؤشرات الرسمية لبنك المغرب والوكالة الوطنية للعقار، التي أظهرت تغيرات طفيفة لا تتجاوز زائد أو ناقص 0.3% منذ بداية سنة 2025.

ارتفاع محدود.. لكن الأسعار تبقى مرتفعة في المدن الكبرى

وأشار المرنيسي، إلى أن المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش تعرف دائما طلبا قويا على العقار، مما يجعلها في وضع خاص مقارنة بباقي المناطق.

وأوضح أن الأسعار المرتفعة المسجلة اليوم، والتي تتراوح بين 30 و35 ألف درهم للمتر المربع، تعود إلى مجموعة من العوامل، أهمها ارتفاع تكلفة مواد البناء وغلاء أسعار الأراضي داخل المدن، حيث أصبح من الصعب إيجاد قطع أرضية شاغرة للبناء".

السكن المتوسط.. الإشكال الدائم

ويرى الخبير أن السكن الموجه للطبقة المتوسطة ما يزال يشكل إحدى أبرز الإشكاليات التي تواجه السوق، مضيفا أن "المنعشين العقاريين يجدون صعوبة في الحصول على أراض بأسعار معقولة داخل المدن الكبرى، مما يدفعهم إلى التوجه نحو الضواحي، ويضيف أن هذا الواقع يدفع العديد من الأسر إلى شراء الشقق القديمة داخل المدن وإعادة تهيئتها، مما يؤدي بدوره إلى رفع أسعار سوق السكن القديم، الذي يمثل اليوم جزءا أساسيا من الطلب.

برامج الدولة... فعالة في المدن المتوسطة أكثر من الكبرى

وبخصوص البرامج السكنية الجديدة التي أطلقتها الحكومة، يرى المرنيسي أنها قد تساهم في الحد من ارتفاع الأسعار، لكن تأثيرها سيكون أقوى في المدن المتوسطة، لأن مشكل المدن الكبرى مرتبط أساسا بندرة الأراضي وارتفاع كلفتها، مشيرا إلى أن "المنعشين العقاريين لا يمكنهم تنفيذ مشاريع مدعومة من الدولة بأسعار تتراوح بين 300 و700 ألف درهم داخل المدن الكبرى، لأن هامش الربح في هذه الحالة ضعيف جدا أو منعدم".

وشبه المرنيسي واقع السوق بـ"معادلة اقتصادية دقيقة"، موضحا أن "المنعش لن يستثمر في مشروع مدعوم من الدولة إذا لم يكن مربحا، وعندما لا يكون هناك ربح، لا يكون هناك عرض جديد، فيبقى السوق معتمدا على السكن القديم".

وأضاف أن هذا الوضع "يؤدي إلى استمرار الضغط على الشقق القديمة داخل المدن، في حين تنتعش السوق في المدن المتوسطة والصغيرة حيث كلفة الأرض أقل".

الأرض.. أساس كل المعادلة

وفي تحليله لأسباب ارتفاع الأسعار والحلول الممكنة، شدد الخبير على أن "أساس المشكل هو العقار نفسه، أي الأرض، فهي كما يقال: le nerf de la guerre".

وأوضح أن الحل يكمن في توفير أراض مجهزة بأثمنة مناسبة وفي مواقع مطلوبة للمنعشين العقاريين، مشيرا إلى أن "المواطن لا يريد السكن بعيدا عن مكان عمله أو مدارس أبنائه، بل يبحث عن سكن داخل المدينة أو في محيطها القريب".

وختم المرنيسي تصريحه بالتأكيد على أن الدولة تتوفر على الإمكانيات والوسائل لتوسيع العرض العقاري المنظم عبر تجهيز الأراضي وإطلاق مشاريع بشراكة مع المنعشين، مضيفا أن "تجارب الماضي في السكن الاجتماعي أظهرت أن نجاح أي برنامج يرتبط أساسًا بتحفيزات ضريبية قوية وتكلفة أرض مناسبة".