الاستثمار الأمريكي في الصحراء المغربية.. شراكة استراتيجية تتعزز بخمسة مليارات دولار

الاقتصاد الوطني - 01-08-2025

الاستثمار الأمريكي في الصحراء المغربية.. شراكة استراتيجية تتعزز بخمسة مليارات دولار

اقتصادكم 


تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز حضورها الاقتصادي في المغرب، من خلال خطة استثمارية طموحة تتجاوز قيمتها خمسة مليارات دولار، موجهة بشكل أساسي إلى دعم المشاريع التنموية في الأقاليم الجنوبية. وتندرج هذه الخطوة ضمن سياسة أمريكية جديدة تراهن على جعل الصحراء المغربية بوابة استثمارية نحو القارة الإفريقية، ما يعكس ثقة واشنطن المتزايدة في استقرار المملكة وفي رؤيتها التنموية بعيدة المدى.

وفي هذا السياق، كشف موقع "أفريكان إنتليجنس" أن مؤسسة التمويل التنموي الأمريكية حصلت على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية لبدء دراسة فرص استثمارية كبرى في الأقاليم الجنوبية. وقد عقدت المؤسسة لقاءات مع عدد من البنوك والمقاولات المغربية، بهدف تحديد القطاعات ذات الأولوية، في مقدمتها الطاقة المتجددة، البنيات التحتية، والصناعة.

وتعد هذه الدينامية الاقتصادية امتدادا لتحول استراتيجي بدأ منذ إعلان الولايات المتحدة، أواخر سنة 2020، اعترافها بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، توالت الإشارات الدبلوماسية والاقتصادية المؤكدة على التزام واشنطن بهذا الموقف، وحرصها على أن يكون الاستثمار أداة لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.

ويتماشى هذا التوجه مع الرؤية الملكية التي عبر عنها الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة، حيث شدد على أن تنمية الأقاليم الجنوبية ليست فقط خيارا استراتيجيا لتعزيز الوحدة الترابية، بل أيضا ضرورة اقتصادية لتحويل المنطقة إلى قطب تنموي مندمج ومفتوح على إفريقيا.

وتظهر البيانات الاقتصادية أن الولايات المتحدة أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز الشركاء الاستثماريين للمغرب. ففي عام 2022، احتلت المرتبة الأولى من حيث تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بأكثر من 761 مليون دولار، ما يعادل نحو 30% من مجموع الاستثمارات الأجنبية بالمملكة. ورغم بعض التباطؤ في 2023، فإن حجم الاستثمارات عاد للارتفاع تدريجيا في 2024 و2025، ليصل إلى نحو 1.64 مليار دولار، وهو رقم يعزز مكانة المغرب كمركز جذب إقليمي لرؤوس الأموال.

وعلى المستوى السياسي، لا يزال موقف واشنطن من قضية الصحراء واضحا ومتماسكا. فقد جدد السفير الأمريكي المرشح لدى المغرب، ريتشارد ديوك بوشان الثالث، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ يوم 30 يوليوز، دعم بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط، واصفا إياها بأنها "الحل الواقعي الوحيد" للنزاع الإقليمي، ومؤكدا استمرار دعم الولايات المتحدة للمسار الأممي الهادف إلى حل نهائي متوافق عليه.

وفي تحليله للوضع الاقتصادي بين البلدين، أشار تقرير "أفريكان إنتليجنس"، أن هذه التطورات تؤشر إلى مرحلة جديدة في العلاقات المغربية الأمريكية، عنوانها الشراكة الاستراتيجية المبنية على المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي. كما تمنح الاستثمارات المقبلة في الصحراء المغربية دفعة قوية للجهود التنموية الجارية، وتخلق فرصا إضافية للشركات الأمريكية في بيئة اقتصادية واعدة، ما يعزز موقع المملكة كبوابة اقتصادية نحو إفريقيا جنوب الصحراء.