اقتصادكم - حنان الزيتوني
بعد موجة من التقلبات والتحديات التي مرت بها سوق الشغل في المغرب، بدأت مؤشرات جديدة في الظهور تبشر بتقدم ملموس نحو تحسين وضعية التشغيل وتقليص نسب البطالة، وتعكس هذه المؤشرات وفق الخبراء، دينامية إيجابية في الاقتصاد الوطني، حيث تسعى الجهات المختصة إلى خلق بيئة عمل أكثر استقرارا وتوازنا، تمكن من تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشمول اجتماعي أوسع، رغم الظروف العالمية المعقدة التي تؤثر على الأسواق.
تراجع البطالة إلى 12.8%
وحسب التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، الذي أصدرته يوم أمس الاثنين، فقد أعلنت من خلاله عن تراجع معدل البطالة في المغرب إلى 12.8% خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بـ13.1% خلال نفس الفترة من العام السابق.
وقد وفر سوق الشغل حوالي 132 ألف فرصة عمل جديدة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو، مع انخفاض عدد العاطلين عن العمل بواقع 38 ألف شخص ليصل إجمالي العاطلين إلى 1.595 مليون. وشهدت المناطق الحضرية انخفاضا طفيفا في معدل البطالة من 16.7% إلى 16.4%، بينما انخفضت البطالة في المناطق القروية من 6.7% إلى 6.2%. غير أن بطالة الشباب (15-24 عاما) لا تزال مرتفعة عند 35.8.%.
استقرار وبداية منحى تنازلي
وفي تعليق له على هذه المعطيات، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن الانخفاض ولو بنسبة 0.3% في معدل البطالة هو مؤشر إيجابي للغاية يعكس أمرين أساسيين: أولهما هو استقرار نسب البطالة، وثانيهما دخولها في مسار تنازلي قد يمكن المغرب من تحقيق هدفين رئيسيين، أولا الوصول إلى أقل من 12% بحلول نهاية 2025، والاقتراب من أقل من 9% بحلول عام 2030.
وأوضح جدري في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن سوق الشغل لا يزال مرتبطا بشكل كبير بالقيمة الفلاحية، حيث تتأثر المناطق القروية بالجفاف الذي يؤدي إلى فقدان مئات آلاف مناصب العمل، لكنه أشار إلى إمكانية تحسن الوضع مع تحقيق استقلالية مائية بحلول عام 2026.
وأشار الخبير كذلك إلى الدينامية الإيجابية في قطاعات البناء والأشغال العمومية المدعومة ببرامج دعم السكن والاستعدادات لمونديال 2030 وكأس إفريقيا، إضافة إلى صناعة السيارات والسياحة التي تشهد انتعاشا ملحوظا.
التفاوتات الجهوية والتحديات المستقبلية
وأكد جدري أن التحدي الكبير الذي يواجه سوق الشغل في المغرب يتمثل في التفاوتات المجالية، حيث تتركز التنمية والفرص في خمس جهات رئيسية مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومراكش، في حين تعاني سبع جهات أخرى من نسب بطالة أعلى من المعدل الوطني. لهذا السبب، رجح جدري أن تركز السياسات الحكومية في السنوات القادمة على معالجة هذه الفوارق من خلال دعم مشاريع مائية وطاقية وبنية تحتية، لضمان توزيع أفضل لفرص العمل والتنمية على الصعيد الوطني.
وأوضح المتحدث نفسه، أنه في النهاية، يعكس التراجع المسجل في معدل البطالة بداية مشجعة نحو تحقيق استقرار أكبر في سوق العمل المغربي، وهو ما يعزز التطلعات الوطنية لتحقيق نمو اقتصادي قوي وتحسين ظروف معيشة المواطنين. ومع استمرار التركيز على معالجة التحديات الهيكلية والتفاوتات المجالية، يبقى الأمل معقودا على استمرار هذا المسار الإيجابي الذي يخدم مصلحة المملكة على المدى المتوسط والطويل.