قانون المالية 2026: أولويات الموازنة بين النمو والعدالة الاجتماعية

الاقتصاد الوطني - 29-10-2025

قانون المالية 2026: أولويات الموازنة بين النمو والعدالة الاجتماعية

اقتصادكم

 

بنت الحكومة مشروع قانون المالية لسنة 2026 على أربع أولويات رئيسية تُلخِّص خارطة طريقها: النمو الاقتصادي، العدالة المجالية، الدولة الاجتماعية، والتوازن المالي.

وظل الاستثمار العمومي السلاح الرئيسي لدعم النمو، بميزانية قياسية تبلغ 380 مليار درهم. أما في الجانب الاجتماعي (الصحة، التعليم، والتشغيل)، فيسعى المشروع إلى تجسيد وعود أصبحت مستعجلة، من خلال مجهود مالي يصل إلى 140 مليار درهم.

أولاً: ملامح عامة للموازنة

عند تقديمها أمام البرلمان في مطلع الأسبوع، عرضت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، الخطوط العريضة للمشاريع الكبرى في السنة المقبلة، حيث تراهن الحكومة على تعزيز النسيج الإنتاجي للحفاظ على دينامية الإقلاع الاقتصادي، مع تطوير برامج التنمية الجهوية.

ويُدخل مشروع قانون المالية جيلًا جديدًا من المشاريع الترابية المستوحاة من الجهوية المتقدمة، بهدف تصحيح الاختلالات بين المناطق الحضرية والقروية. أما على الصعيد الاجتماعي، فتستحوذ الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية على حصة متزايدة من الإنفاق العمومي.

كما تسعى الحكومة إلى تحديث إدارة النفقات عبر إصلاح القانون التنظيمي للمالية وترشيد القطاع العام، بهدف تحقيق توازن دقيق بين استقرار المالية العمومية وتسريع الإصلاحات دون المساس بالاستثمار.

ثانياً: الاستثمار العمومي، رافعة النمو

تم تحديد حجم الاستثمار العمومي في 380 مليار درهم، وهو ما يجعله الرافعة الرئيسية للنمو.
وترى فيه الحكومة محركاً اقتصادياً وأداةً لتأهيل المجال الترابي في آن واحد. من بين الأولويات توسيع المطارات، وتحديث شبكة السكك الحديدية، وتطوير الأسطول البحري الوطني، مواصلة مشاريع الموانئ الكبرى مثل ناظور ويست ميد والداخلة الأطلسية.

الجديد هذه السنة هو المنظور الترابي، حيث ستُقاس فعالية الاستثمار من خلال أثره المجالي الملموس.
ويجسد البرنامج الوطني للتنمية المندمجة للمراكز القروية الصاعدة هذا التوجه، إذ خُصص له 2,8 مليار درهم لفائدة 36 مركزاً نموذجياً، في إطار تقليص الفوارق بين المدن والقرى.

ثالثاً: البعد الاجتماعي، ركيزة ميزانية 2026

تأتي ميزانية هذه السنة في سياق يتصدر فيه الملف الاجتماعي واجهة الأولويات، بعد تصاعد مطالب الشباب المتعلقة بالتعليم والصحة والقدرة الشرائية. واستجابت الحكومة لهذه المطالب عبر تعزيز الموارد المالية المخصصة للقطاعات الاجتماعية: 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم، بزيادة 21 مليار درهم مقارنة مع 2025، توظيف 27.000 شخص جديد، دخول المستشفيات الجامعية في أكادير والعيون حيز الخدمة، استكمال مستشفى ابن سينا الجديد بالرباط، وتوسيع شبكة المدارس الرائدة لتشمل مناطق جديدة، مع تعميم التعليم الأولي كأولوية وطنية.

أما في جانب الحماية الاجتماعية، فستتكفل الدولة بدفع مساهمات التأمين الإجباري عن المرض (AMO) لفائدة 11 مليون مستفيد بكلفة 10,5 مليارات درهم، كما ستعبئ 14 مليار درهم لدعم القدرة الشرائية واستقرار الأسعار.

ويستند هذا الجهد إلى مجموعة من الصناديق الاجتماعية:

36,5 مليار درهم للحماية الاجتماعية والتماسك،
2 مليار درهم لتشغيل الشباب،
2 مليار درهم لتمويل التجهيزات ومحاربة البطالة،
و5 مليارات درهم للتنمية الترابية المندمجة.

ورغم أن الجهد المالي كبير، يبقى التحدي الأساسي هو الانتقال من مرحلة الوعود والبرامج إلى مرحلة النتائج الملموسة.

رابعاً: حكامة مالية في طور التحول

في جانب آخر، تسعى الحكومة إلى تجديد قواعد اللعبة المالية فإصلاح القانون التنظيمي للمالية  يهدف إلى تعزيز الشفافية، تحسين استدامة الإنفاق العمومي، وتقوية دور البرلمان في الرقابة والتقييم.

ويرتبط هذا الورش بمنطق الأداء والنجاعة العمومية، مع تسريع رقمنة الإدارة لجعل الميزانية أداة لتحقيق النتائج وليس مجرد إطار للنفقات.